(مكة) – مكة المكرمة
بعد 12 عامًا، مازال بنك باركليز يواجه تبعات مأزق قانوني وقع فيه كبار مسؤوليه التنفيذيين الذين أذعنوا لابتزاز رئيس الوزراء القطري السابق، حمد بن جاسم وأعوانه.
يعد هذا المأزق أو الزلة القانونية هي حجر الزاوية الذي ترتكز عليه واحدة من أكبر قضايا التعويضات، التي بدأت المحكمة العليا البريطانية نظرها الأسبوع الماضي، وفقا لما نشرته صحيفة “الجارديان” البريطانية.
في خضم الأزمة المالية، وتحديدًا في يونيو 2008، تعرض عدد من المديرين التنفيذيين السابقين في بنك باركليز لمساومات وابتزاز من جانب رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم وأعوانه. استغل حمد بن جاسم مخاوف المسؤولين في باركليز من احتمالات تأميم البنك في إطار خطة إنقاذ حكومية آنذاك.
واضطر كل من توماس كالاريس وريتشارد بوث، وهما من كبار التنفيذيين السابقين في باركليز، للإذعان لمطالب وضغوط الجانب القطري، والتي تفاوض بشأنها زميلهما المدير التنفيذي السابق روجر جنكنز، الذي كانت تربطه علاقات وثيقة بحمد بن جاسم، مهدت الطريق لبنائها زوجته ديانا جنكنز، بحسب ما ذكره جنكنز بنفسه في رسائل بريد إلكتروني اطلعت عليها هيئة المحكمة العليا، في واحدة من الدعاوى القضائية، التي تعصف بباركليز وكبار مسؤوليه السابقين خلال السنوات الأخيرة.
وتطالب أماندا ستافيلي، سيدة الأعمال البارزة ومالكة مجموعة شركات PCP الاقتصادية بنك باركليز، في دعواها القضائية بتعويض قدره 1.6 مليار جنيه إسترليني بعد أن جلبت استثمارات خليجية بلغ إجماليها حوالي 3.25 مليار جنيه إسترليني كجزء من اكتتابين لجمع رؤوس الأموال خلال عام 2008.
قبل ظهور ستافيلي في المشهد، كانت المشكلة التي تواجه كالاريس وبوث في باركليز هي أن المستثمرين القطريين المحتملين يطالبون البنك بدفع ملايين الجنيهات الإسترلينية من أجل الموافقة على الاستثمار، كما تزعم الوثائق المقدمة إلى هيئة المحكمة.
ولكن أصر المحامون بالإدارة القانونية في بنك باركليز وقتئذ على أن هذه الرسوم لا يمكن أن يتم دفعها بدون مصوغ قانوني وفي مقابل قيمة تجارية. لذا كان الحل هو اللجوء للتحايل من أجل تلبية مطالب القطريين وعلى رأسهم حمد بن جاسم والذين حصلوا على أتعابهم أو عمولاتهم السرية بموجب اتفاقيتي “خدمات استشارية” صوريتين.
وفي ذلك الشهر، انهار بنك ليمان براذرز الاستثماري في وول ستريت، مما أدى إلى المرحلة التالية من الأزمة المالية، والتي دفعت باركليز للدعوة إلى اكتتاب طارئ مرة أخرى لجمع مليارات الجنيهات الإسترلينية للحيلولة دون تأميمه.
طمع وابتزاز
كانت ستافيلي ومن تمثلهم من مستثمرين مهتمين بالاستثمار، وكذلك كان القطريون، الذين طالبوا في هذه المرة فقط بأكثر من 300 مليون جنيه إسترليني كرسوم وعمولات.
تفيد مذكرة الادعاء أنه في 23 أكتوبر التقت ستافيلي بالمدير التنفيذي جنكنز، في منزله في فارم ستريت في مايفير بلندن.
وبمجرد الانتهاء من الاجتماع، هرع جنكنز إلى لقاء حمد بن جاسم في فندق دورتشستر، لإثارة حماسه إلى المشاركة في الاستثمار بباركليز. وبحلول نوفمبر تم إبرام صفقة.
وفقًا لأدلة ستافيلي، عندما التقت بجنكنز في منزله في أكتوبر، وعدها بأن تحصل هي ومن تمثلهم من مستثمرين خليجيين على نفس المزايا المقدمة إلى الجانب القطري. ولكن لم تحصل ستافيلي، على مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية لأنه الدفع للقطريين كان يتم سرًا.
وينفي جنكنز ادعاءات ستافيلي قائلا إن زوجته ديانا لم تحصل على التقدير المناسب للدور الذي لعبته في التوسط في الصفقة مع حمد بن جاسم، موضحا أنها “عملت على بناء هذه العلاقات، التي ساعدته على تحقيق صفقات تجارية ثقيلة ولم تحصل على شيء في المقابل”.
وتابع جنكنز: “إنها تبدو الآن مثل باريس هيلتون، وهي حاصلة على درجتين جامعيتين! إنها فتاة رائعة تستحق الكثير”، مشيرًا إلى أنه ليس من الإنصاف بعد كل هذا أن “تحصل أماندا على كل الأضواء”.
وتفضح الوثائق المقدمة من ستافيلي إلى هيئة المحكمة أنه من أجل تأمين التمويل وإنقاذ البنك من خطة التأميم الحكومية، وافق باركليز على مطالب قطرية على دفع رسوم استشارية “زائفة” إضافية بقيمة 280 مليون جنيه إسترليني، و66 مليون جنيه إسترليني بموجب اتفاقية صورية أخرى، علاوة على “قرض غير مستوفي الضمانات”، بقيمة ملياري جنيه إسترليني، والمثير للدهشة أنه بقيمة تماثل تقريبًا نفس المبلغ الذي عرض (الجانب القطري) استثماره في الاكتتاب الطارئ.
ووفقا لما نشرته “فايننشال تايمز”، تلقي جائحة كوفيد-19 بظلالها على جلسات المحاكمة، حيث تم تقييد عدد الحاضرين في قاعة المحكمة، في حين يتم بثها عبر الإنترنت إلى شاشات في قاعات أخرى للإعلام والجمهور.
هذا وقد اضطر فريق باركليز القانوني إلى تقديم اعتذار لأماندا ستافيلي بعدما بدر من أحد أعضائه بحقها، حيث تم بالخطأ بث حديث له عبر تطبيق زووم يتهمها بالكذب، مشيرا إلى أن الاتهامات التي توجهها إلى باركليز غير مدعومة بأدلة أو مستندات.