المقالات

الباحة وجهة زراعية فأين المستثمرين !؟

التقيته بجوار مستشفى الملك فهد بالباحة مع الباعة الذين يفترشون جانب الطريق العام بين الباحة ومحافظة بني حسن ، الشيب ينير وجهه وملتزم بالكمامة بسبب فيروس كورونا لكن بواسطة شماغه الذي يكسو رأسه بسبب عدم توفر الكمامات في الصيدليات ، إنه المواطن النفناف الزهراني من قبيلة عبد الحميد إذ تقع مزرعته بحسب وصفه في أسفل عقبة بيضان قلوة ( طريق الملك خالد ) هذا الرجل يبيع الموز البلدي والمانجو الذي تشتهر به الباحة في أسفل عقباتها وبعض سهولها القريبة من بحر المظيلف وهذا الموز يبدو إنتاجه بالتحديد في الأصدار التي سميت بهذا لأنها تقع في تضاريس المنطقة بين قمة الجبال وتخوم تهامة كموقع الصدر من جسم الإنسان تقع بين السراة وتهامة تتوسد جبال السراة حيث الطقس المعتدل والأجواء الدافئة والرجال الذين لازالت سحنات وجوههم تحتفظ بالكرم والطيبة والعمل الدؤوب في مزارعهم بالرغم من صغر مساحاتها التي تشكل مصاطب زراعية تحتفظ بحدود بينية وكظائم ماء توزع بينها بالشرب المعروف في آبار ومنابع مياه المنطقة كلها سراة وتهامة وبادية التي تشكل بيئاتها الأربع .

وحتى لا ننسى ونستطرد في الحديث عن الزراعة في المنطقة الذي سيأتي تباعا في هذه المقالة نعود لبائع الموز والمانجو الذي سألته عن مزرعته فأعطاني موقعها بالوصف لا بواسطة قوقل ماب ولكن أدهشني حجم عذوق الموز وكبر حبات الموز الذي لم أره من قبل فايتعت منه ووعدته بزيارة لتصوير مزرعته والكتابة عنها والتي أعتبرها واحدة من بين مزارع أخرى في ذي عين وبعض الأصدار التي تنتج أنواع أخرى من الفواكه الموسمية والنباتات العطرية وعلى رأسها الكادي الذي يأخذه زوار الباحة والسياح كهدية وذكرى منها بعد العودة .

منطقة الباحة كانت قبل عشرات السنين سلة المنطقة الغربية من أنواع الحبوب ومن السمن والعسل لقربها من مكة المكرمة كان ذلك عندما كانت الزراعة هي النشاط الوحيد لسكانها قبل أن يأتي البترول ويبدأ المجتمع يفكر في مصادر الرزق الأخرى من أرامكو في المنطقة الشرقية وبين أمهات المدن التي سافروا إليها لطلب الرزق وأوكلوا مهمة النشاط الزراعي للأسرة التي كان للمرأة في ذلك نصاب الأسد في إحياء موات الأرض وفي تربية الماشية والقيام بشؤون الأسرة في المنزل وهي تضرب بهذا أروع الأمثلة على المرأة الصالحة تساهم في بناء المجتمع وتكفيه شر البحث عن قوت يومه من نقد البلد الذي يمثله زراعة الأرض وحصادها والاستفادة من نتاجها من أنواع الحبوب إلى جانب أن المنطقة كانت مستودعا لبعض المنتوجات الزراعية الأخرى في قمم الجبال وفي السهول والأودية ولعلنا نضع بين يدي القارئ بعض هذه الثمار التي كانت تشتهر بها سابقا وأخرى نجح إنتاجها مؤخرا .

ففي شدا الجبل السنام الذي يستوطن تهامة المنطقة بين محافظتي المخواة وقلوة الذي تحول بعض أجزائه إلم يكن كله إلى محمية كان يشتهر بزراعة ” البن ” الشدوي وهو من أفضل وأجود أنواع البن وكان يتم تسويقه في منطقة مكة المكرمة إلى جانب أسواق الباحة وللأسف اليوم لم يبق من هذه المزارع إلا القليل جدا بعد أن هجر الأهالي هذا الجبال وانتشروا في أنحاء من تهامة وفي المدن رغم أن هجرتهم جاءت بعد معاناتهم مع الطريق الذي تم تعبيده اليوم وتحول جبل شدا وسفوحه لمواقع سياحية بعد أن تم تحوير مغاراته لبيوت سكنية بطرق هندسية لفتت أنتباه زواره من داخل المنطقة وخارجها ولم يعد لبن شدا تلك الأهمية رغم أن الأرض لازالت كما هي بصلاحها لزراعته فقط تحتاج مستثمر يعيد له روح العطاء .

الدكتور صالح عباس استثمر أراضيه على طريق المطار بعد مدينة الباحة ببضعة كيلو مترات لزراعة الزيتون وبعد أن نجح في هذا فقد حول الموقع إلى بستان زرع فيه أنواع كثيرة من الزيتون وبإنتاج وفير ومذاق مميز وحاول أن يجعل من هذا البستان مزارا لضيوف المنطقة مساهمة منه في ترويج المنتج ليس للربح أكثر مما هو مساهمة وطنية من ابن بار جمع بين تخصصه في مجال طب العيون وبين استصلاح المكان لزراعة وإنتاج زيت الزيتون النادر إلى جانب عمله في مجالس رسمية وأهلية لخدمة المنطقة وزوارها وفي اعتقادي أن المنطقة لو وجدت مستثمرين جادين لزراعة أشجار الزيتون بأنها ستكون رافدا كما هي الجوف وبعض المناطق التي صلحت فيها زراعة الكثير من المنتجات الزراعية التي ساهمت وبقوة في الاستغناء ولو مبدئيا عن استيراد هذه المنتجات من الخارج وسنفرد مستقبلا مقالا عن تجربة البرفسور أحمد قشاش في مزرعته المشهورة في تهامة إن شاء الله .

كذلك عندنا مواقع كثيرة نجحت فيها زراعة العنب وإنتاجه بكميات كبيرة وبأنواع متميزة إلى جانب الخوخ والكمثرى والبخارة وأنواع الخضروات وإنتاج البر ( الحنطة ) كما هو في دوس والذرة ولا ننسى لوز جافان في محافظة بني حسن والذي جاء وفد من الفاو قبل سنوات لدراسة زراعته في مواقعه التي تعرضت لليباس بسبب قلة الأمطار وقلة الاهتمام بهذه الشجرة المعمرة المنتجة لأجود أنواع اللوز كما هي بجيلة في بني مالك .

ولا ننسى مزارع النخيل في العقيق التي كانت غنّاء وغنية بإنتاج التمر الذي كان يكفي المنطقة ويصدر الفائض منه للمناطق القربية إلا أنه وبعد بناء السد ماتت نخيل العقيق واقفة ولازالت شاهدة للعيان على هذا الموات الذي أرجأه الدكتور أبو رزيزة بسبب السد الذي اعتبره وبقية السدود الستة والعشرين التي بنيت في المنطقة غير صالحة لما حولها من مزارع وأنه لا يتم الاستفادة منها بالطريقة المثلى وهناك مواقع أخرى صالحة للزراعة والإنتاج الوفير فقط الحاجة قائمة لدراستها وإمكانية استثمارها وتقديم الدعم من الجهة المعنية للمستثمرين ماديا ومعنويا وتوجيها وإرشادا .
انعطافة قلم :
سأتناول في مقالات قادمة نجاح زراعة الرمان والتين بنوعيه وتربية النحل وإنتاج أجود أنواع العسل والسمن البلدي في الباحة ومحافظاتها .

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button