المقالات

النائم لا يعلم أنه نائم إلا حين يستيقظ !

عندما نكون نحلم أثناء النوم؛ فإن عقلنا لا يزال يعمل مع انخفاض نسبي للحواس الخارجية، والغريب أن العقل يخلق لنا عالمًا متكاملًا من المشاهد، والصور، والأشخاص، والأصوات؛ حتى إننا نجوع ونأكل ونعطش ونشرب ونستنشق الروائح، بل ونضحك ونبكي ونتألم ونستمتع حسب الحلم وماهيته ونفكر أيضًا، ونستشعر الخوف حينما يهاجمنا حيوان مفترس أو نسقط من مكان مرتفع فحينها نفزع ونشعر؛ وكأن الأحداث حقيقيةُ تمامًا وحتى لو أتى لنا شخص داخل الحلم يخبرنا أننا داخل حلم فلن نعلم أننا نحلم إلا حينما نستيقظ ! ولكن هل بالفعل نحن نستيقظ أم أننا ما نزال نحلم أننا مستيقظون ؟ هنالك من يشعر أنه في حلم وهو مستيقظ، وقد يقرص نفسه من أجل التأكد، والبعض الآخر يشك بذلك لدرجة أنه يحاول التأكد من استيقاظه إلا أن الفيلسوف “ديكارت” حل المسألة حينما قال أنا أفكر إذن أنا موجود؛ إذًا كان بحاجة لأن يثبت ذاته لذاته من أجل أن يطمئن ذاته، ولكننا لا نتحدث هنا عن حقيقة استيقاظنا بذلك المفهوم، فنحن جميعًا مستيقظون بشكل أو بآخر، ولكن فور استيقاظنا نعود للنوم مع استمرارية عمل عقلنا وانخفاض نسبي للحواس الخارجية؛ فإننا ننغمس وبشكل آلي إلى شاشة ذلك الجوال الذي يوجد به كل ما نتخيل وما لا نستطيع أن نتخيله، فلكل شخص عالمه الخاص فمنهم من يدخل إلى الواتس؛ ليتابع اخبار أصدقائه وعائلته وقراءة مئات الرسائل المختلفة في مختلف المحادثات والقروبات متنقلًا بعد ذلك للسناب من أجل أن يرى ما فاته وما سيفوته من سنابات الأصدقاء، ثم يقوم بجولة حول العالم لرؤية المشاهير ومتصدرين قائمة الأكثر مشاهدة، وما يدور في ذلك العالم متنقلًا بعد ذلك إلى تويتر؛ ليقرأ أهم التغريدات، وأنشط الهاشتاجات، وأهم الفضائح الجديدة؛ لينتقل إلى عالم اليوتيوب فيبحث عن الترند؛ ليجد مئات الفلوقات بأغرب العناوين التي قد تقرأها يوماً ما والغريب أن المقطع ذلك حقق مليونين مشاهدة خلال أربعة وعشرين ساعة، ثم بعد أن قام الشخص ذلك بعمل كل ذلك الجهد؛ فإنه يقرر أن يرتاح ليشاهد مسلسله المفضل أو أحدث الأفلام العالمية؛ ليكتمل بذلك اليوم الدسم الذي يتخلله أمور ثانوية ليست ذات أهمية لذلك لم نتكلم عنها مثل العمل والأهل والأصدقاء والأكل والشرب؛ فهو فعل هذه الأمور الثانوية جميعها، لكنها بالطبع لم تشغله عن عالمه المفضل داخل شاشة الجوال، وحينها يتجهز للعودة إلى النوم والأحلام من جديد؛ فكيف نخبر ذلك الشخص بأنه نائم وهو مستيقظ فإنه لن يصدقنا إلى حين أن يستيقظ، ولكن السؤال كيف نجعله يستيقظ؟!

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button