معركة كوفيد19 معركة حامية الوطيس وصلت أعداد ضحاياها الملايين من البشر. مات أحبة وأهل وأقارب وعوائل غادروا الدنيا. حرب لم تفرق بين أطياف المجتمع العالمي. لم تفرق بين صغير ولا كبير غني ولا فقير مسلم ولا كافر جاءت على الكل دون تمييز أو تفضيل وتجاوز منها من قدر الله له النجاة.
وعلى عكس ما يحصل في الحروب والقاعدة الأساسية في أن الكل فيها خاسر المنتصر والمهزوم إلا أن في معركة كوفيد 19 كرونا اختلفت هذه القاعدة فمسبب الحرب لم يتضرر وهو المنتصر منذ البداية وحتى الآن فلم يستطيع الإنسان أن يشهر سلاحه الفتاك الذي يقضي على هذا العدو اللدود.
انتهى الحظر وعادت الحياة لطبيعتها ولن تكون لطبيعتها على أي حال فقد تغيرت الأوضاع والنفسيات واختلف الروتين المعتاد.. ستعود ولكن (بحذر) سنظل نغطي وجوهنا، وسنظل نتباعد في مساجدنا، وسنظل لا نصافح إخواننا، وسنظل لا نجتمع في مجالسنا، وسنظل خائفين مترقبين يملأ قلوبنا الشك من ما نلمس أو نشم أو نأكل. سنبقى في حالة ارتباك نفسي وهوس حتى نستطيع أن نشعر بالأمان من هذا العدو.
لا أعلم إلى متى سيستمر هذا الحال؟ ولا أعلم متى ستنتهي هذه المعركة الضروس؟ لكننا نعلم أن الله عز وجل علمنا الثقة به، وبقدرته سبحانه فنصرته ليست فقط مقتصرة على رسله، وليست مقيدة بزمان ولا مكان، أو أشخاص دون أشخاص بل هي عامة شاملة كل المخلوقات. والثقة بالله هي أساس العلاقة بين الإنسان وربه وهذا أساسها. الله عز وجل يجيب دعوة من دعاه ومن استغاث به وناجاه والتجأ إليه بثقة عظيمة في قدرته. فقد يكون النصر بطريقة لا تخطر على بال بشر لأنها ليست في حدود إمكانياتهم العقلية، ولا الجسدية فهي لا تأتي إلا من عند من صنع الوجود وقدر الأقدار. والمثال على ذلك أولئك الفتية الذين كانوا في مقتبل العمر خرجوا من قريتهم خوفا من البطش متمسكين بثقتهم في الله تعالى وكان هذا سلاحهم في وجه عدوهم فنصرهم الله بالرعب الذي كان يتملكهم وحفظهم به فلم يستطيع أي إنسان ان يقترب من كهفهم مدة ثلاثمائة وتسعة أعوام فكل من يقترب من كهفهم يملأ الله قلبه رعبا ولم يكن حفظه تبارك وتعالى لهم ساعة أو يوم أو شهر أو عام. بل جعلهم آية وعبرة للبشر في كل زمان،ثم خلد ذكراهم في سورة من القرآن.
إن لله في خلقه شئون وكثير من الناس يعتقد أن الحياة قد توقفت وأن لا أمل في عودة الحياة إلى ما كانت عليه قبل هذا العدو الذي فعل ما فعل بالعالم بأسره، ولكن الحقيقة تقول أن أخطر ما في المصيبة هو السكون إليها والاستسلام لها، وهما النتيجة الحتمية لليأس الذي يوصل للانتحار النفسي الذي يفوق بخطره الانتحار الجسدي، لذا ولتطمئن القلوب وتهدأ النفوس. وقد تضافرت النصوص الشرعية والوقائع العملية من السيرة النبوية التي تنبذ اليأس وتدعو للتفاؤل والأمل بالقادم بما يكفل إخراج من وقعت عليه المصيبة من حالة الإحباط السلبية ونقله إلى دائرة الأمل والتفاؤل. وتتضح المواساة والدعوة للتفاؤل في سورة الضحى فبعد العسر يأتي اليسر، وبعد الشده يأتي الفرج. وعندما تطمئن النفوس وتزيد الثقة في الله تزيد المناعة عند الإنسان.
فليكن شعارنا التفاؤل بأن القادم بحول الله أفضل وأن الأمل في الله أكبر وأعظم ولنثق بالله وقدرته ورحمته التي وسعت كل شيء وشملته وما خاب من اعتمد على الله. فعندها تطمئن النفوس.