يرتكز العمل التطوعي على المبادرة الذاتية للإنسان من منطلق قناعاته وإيمانه بقدرته على التأثير في محيطه الاجتماعي وتقديم العون والمساعدة للناس..
ويرتكز نجاح العمل التطوعي على روح المبادرة وحب مـساعدة الآخرين، فالتطوع فكرة إنسانية وأخلاقية تعكس علاقة الشراكة بين البشر..
ويعتبر العمل التطوعي تجسيدًا عمليًّا لمبدأ التكافل الاجتماعي باعتباره مجموعة من أعمال الخير التي تساهم في بناء المجتمع.
اليوم أحدثكم عن العمل التطوعي قديمًا في مدينتي (تنومة الزهراء)، ففي بداية الخمسينات من القرن الماضي، كان شريان الحياة للمجتمع التنومي قد ازدهر عن ذي قبل، وكان انتعاش الحركة التجارية في (سوق السبت) هو الأساس؛ لذلك فهو سوق قديم قدم التاريخ، فبعض المؤرخين يقول إنه من أقدم الأسواق في الجزيرة العربية، ويقال إنه تأسس في القرن الخامس الهجري.
في الجهة الشمالية من السوق مسجد كبير بني في نفس التاريخ وقد هدم بحجة التطوير، وسوق السبت هو سوق أسبوعي كان يقام كل يوم سبت، يفد إليه جمع غفير من أفراد القبائل المحيطة بتنومة، سواء للتسوق أو لبيع ما يجلبونه من ثروات حيوانية أو إنتاجات زراعية؛ حيث يفد إلى هذا السوق الكثير من باللسمر وباللحمر وبواديهم، وكذلك البوادي الشرقية بتنومة، وأيضًا مدينة بيشة وبعض قبائل شهران والنماص وشمال النماص حتى بني عمرو وباللقرن وتهامة حتى محايل عسير لأنه يقع في المنتصف للمناطق السابق ذكرها فيكتظ السوق بالناس؛ حيث يبدأ الناس بالتسوق من طلوع الشمس حتى الساعة الثالثة بعد الظهر، ولكن في ذلك الوقت يفتقر السوق أو الأماكن القريبة منه إلى وجود مطاعم أو مقاهٍ ليرتادها المتسوقون، وخاصة القادمين من مناطق بعيده لتناول وجبات الطعام وشرب الماء والشاي والقهوة.
إلا أن بعض النساء اللاتي يسكنَّ في البيوت المحيطة بالسوق، كان لهن الشرف أن يكُنَّ أولى المتطوعات لخدمة المتسوقين، يقمن بتقديم الأكل والشرب والماء بالمجان في بيوتهن بموافقة أزواجهن، كل واحدة بالطريقة التي تناسبها. ومن هؤلاء والدتي، تساعدها سرًّا أختي الكبيرة نورة، فكنَّ يبدأن العمل التطوعي ابتداء من بعد صلاة الجمعة اليوم السابق للتسوق؛ حيث يبدأن بتجهيز الحنفيات الخاصة بالماء وعددها حوالي خمس حنفيات كبيرة في حوش المنزل، ثم يذهبن إلى البئر القريبة من البيت ليلتقين ببعض النسوة اللاتي سوف يؤدين نفس المهمة ويبدأن بتعبئة قرب الماء بواسطة الدلو الذي يستخدم لجلب الماء من أعماق البئر ويعدن للبيت لتفريغ الماء في الحنفيات، ويستمر ذلك عدة مرات حتى تمتلئ الحنفيات بالماء، وقد يستمر ذلك حتى غروب شمس يوم السبت، وفي هذا اليوم يقمن قبل صلاة الفجر بإشعال النار في ثلاثة (ميافي) لعمل الفطير، وقبل شروق الشمس يكون كل شيء جاهزًا في مجلس مفتوح في حوش المنزل بداخله (صلل) مليء بالجمر، في طرفه براد كبير مملوء بالشاي، وبراد آخر مملوء بالقهوة، وصينية كبيرة مملوءة بالسمن وسفرة كبيرة بها أكثر من ثمانين فطيرة، وفي هذه الأثناء يفتح الباب الرئيسي لدخول الناس (المتسوقين) ليقوم كل بخدمة نفسه بأكل ما يشتهيه، وكذلك شرب الشاي والقهوة، ثم يخرج المتسوقون إلى الحوش لشرب الماء من الحنفيات وكذلك لأخذ ماء للوضوء إذا أراد، وهذا مفتوح لمن يرغب من النساء. مما يثلج الصدر أن المتسوقين لدى كل منهم إحساس بالآخرين، فيقتصدون في الأكل والشرب ليأكل الجميع.
باختصار شديد، هذا ما كان يحدث في بيتنا كل يوم سبت. أما المتطوعات الأخريات فيتبعن الطرق المناسبة لكل منهن، والمتطوعات هن:
1- والدتي سرا بنت عاطف بن عبد الرحمن الشهري.
2- نورة بنت فايز شباب الشهري، والدة الرائد عادل عبد الله عثمان العسبلي.
3- عايشة محمد فايز العسبلي، والدة الشيخ عبد الله بن محمد عثمان العسبلي، عضو مجلس منطقة عسير سابقًا.
4- شفيا علي بن فهد الشهري، والدة الشيخ البرفسور فراج بن سعد الشبيلي، شيخ مشايخ قبائل بني أثلة بني شهر.
5- زينة بنت عبد الله سلمان العمري، والدة رجل الأعمال الشيخ علي بن سليمان الشهري.
6- زينة بنت عبد الرحمن بن ناصر الشهري.
7- الشاعرة خديجة بنت البرودي.
هؤلاء هن أوليات المتطوعات في محافظة تنومة، وقد استمر البعض منهن بالتطوع حتى تم افتتاح طريق الملك فيصل الذي يربط أبها بالطائف، حتى تغير الحال في تنومة بافتتاح المطاعم والمتنزهات، وقد استمرت الوالدة تؤدي هذا العمل لأكثر من ثلاثين عامًا، وكلي رجاء أن يُكرَّمن بوضع أسمائهن على بعض شوارع تنومة، وأن يعاد بناء المسجد التاريخي في سوق سبت تنومة، والكل يعرف أن صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبد العزيز، أمير منطقة عسير أياديه البيضاء واضحة وجلية في تطوير أرض وإنسان منطقة عسير.
اللواء البحري الركن المتقاعد
تاريخ مجيد لسيدات كريمات امهات زوجات وبنات رجال أفذاذ وبيوت كرم مشهورة ومعروفة ويستحقون التخليد، وذلك مما يجب الإضاءة عليه وتعريف الاجيال بدور المرأة العظيم الذي كانت تضطلع به في المجتمع ويقوم مهندس الرؤية اليوم باستعادته بدعم دور المرأة كعضو فاعل.
اتفق معك ان تخليد هولاء السيدات العظيمات هو احد وسائل التشجيع الهامة
أيام الزمن الجميل. البيوت والطرقات والقُرى كانت ضيقة والحياة كانت صعبة وقاسية ولكن النفوس كانت وسيعه ، تاريخ وذكريات جميله لاتُنسى .
احدى المتطوعات في هذا المقال / سراء بنت عاطف الشهري اطال الله في عمرها ومتعها بالصحة والعافية جدة أولادي وبنتي وأم زوجتي حفظها الله ، فعلاً يستاهلن هؤلاء المتطوعات التقدير والتكريم والأحترام وأسأل الله ان لايحرمهن الأجر والثواب .
سوق السبت كنت اخطر السوق مع ابي عوض ومع جدي الشباك رحمهما الله وكان حلما جميلا انتظرة كل سبت في زمن جميل كنت اتناول بسكوت المينو واشرب من الحنفيات ماء زلال تبريد رباني بايدي امهات عظيمات زوجات رجال كن قلوب حانية ووجوه باسمة سقاهم الله من نهر الكوثر وكتب الله اجرهم فهن فرحة للطفل راحة للمجهد طعام للمسكين زاد للمسافر ومقهى للثقافات من سوالف ونكات خالدة كثر الله خيركم ياعمة سراء وكل صاحباتك حي و ميت والله يديم لك الصحة والعافية يا ماما سراء ما أجمل تلك الايام التي اعدتها لنا ياسعادة اللواء ركن الموقر أبا محمد بل واحييتها بتعبيرك النابع من القلب وكما ذكرت سعادتكم فتخليد تلك الاسماء والاماكن واجب وطني تشجعه قيادتنا الكريمة و مسئوليها الكرام في كل مايخص خدمة المجتمع والمواطن وشكرا يبو محمد وحفظك الله
سرد جميل ورائع يوضح لنا أكثر من درس عن اهمية العمل التطوعي وهو اسمى الاعمال الانسانيه والتي لاتنتظر مقابلاً لها بل تنبع من القلب ومن رغبة لدى الانسان بالعطاء والتضحيه وايضا يوضح بشكل كبير دور المرأه فالماضي فالعمل التطوعي وان ايضاً عليها المشاركه والقيام بدورها في شتى مجالات الحياه العلميه والاجتماعية .