الزواج في زمن كورونا أشبه مايكون بالزواج في زمن الطيبين الذي كانت البساطة جوهره وتوفير الضروريات مطلبه، والتعاون سبيله، وربما كان ذلك بسبب قلة ذات اليد أو عدم وجود الكماليات أو انتفاء مظاهر الترف.
في ذلك الزمن الجميل كان الأب يبحث لابنته عن الشاب المحترم بغض النظر عن إمكاناته المادية أو ظروفه المعيشية، المهم أن تعيش ابنته في محبة ووئام مع من رضوا دينه وخلقه.
لم يكن البحث عن المظاهر مطلب أو التفاخر بالشيلات مكسب أو إحياء الحفلات هدف ولذلك أطلقت عليه مجازًا الزمن الجميل!!
بداية عام ٢٠٢٠ م داهمنا ڤايروس كورونا وأعادنا للزمن الجميل مكرهين لا أبطالًا!! لكنه رغم ذلك
أحاطنا بمزيد من الترابط الأسري والحب للآخر، والخوف عليه، ومراعاة ظروفه.
الطريف خلال هذه الجائحة أن المجتمع ورموزه تعايشوا مع الأزمة وروضوها لما يخدم مصالحهم، ويحقق مطالبهم في جميع مناحي الحياة دون ضراء مُضِرّة أو فتنةٍ مُضِلّة.
وفي ظل تداعيات جائحة كورونا برزت في مجتمعنا كثيرًا من المبادرات الفردية التي تنادي بالزواج الميسر والحضور المختصر تزعمها شيوخ ورموز وأعيان لهم تقديرهم واحترامهم، وفي حقيقة الأمر هم لا ينقصهم عدد الحضور ولا يضيرهم صعوبة الأمور، وإنما كان هدفهم الاقتداء بهم حتى بعد انتهاء الجائحة لما في ذلك من تيسير على الشاب وشريكة حياته وابتعادًا عن مظاهر المزايدات والمنافسات غير الشريفة التي يقودها رجال ونساء لاهَمَّ لهم سوى الصعود على أكتاف الآخرين بداعي فرحة ليلة العمر التي لا تلبث ان تنتهي، ويستمر العريس وعروسته في اجترار مرارتها بدلًا من الاستمتاع بعسلها.
الفرح مطلب وإشهار الزواج سنة نبوية، وإقامة مراسم الزواج المختصرة والولائم البسيطة محبب للنفس البشرية، وكل شاب وفتاة ينتظرون ليلة فرحهم بفارغ الصبر، وكذلك آبائهم وأمهاتهم، ولكن المبالغات في ذلك تجاوزت الحدود وأثقلت الكاهل، وربما تكون (ضارة كورونا نافعة) لمن كان له قلب ينبض وعقل يفكر.
المسؤولون في الدولة -يحفظهم الله- يحثون على تيسير الزواج للشباب وتخفيض المهور والاختصار في الولائم، وتقنين المناسبات تحقيقًا لمصلحة تلك الأسرة الصغيرة التي في مقتبل الحياة.
وبقي الدور المهم للمجتمع بشيوخه ورموزه وأعيانه ومفكريه وكافة شرائحه في التعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق، وحريٌّ بهم أن تكون هذه الجائحة نقطة تحول في مسار حياة الأجيال القادمة لما هو أفضل دون إفراطٍ أو تفريط ومن سَنَّ سُنَّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها الى يوم القيامة ودامت افراحكم.
عبدالله بن سالم المالكي
الخميس ٤ / ١١ / ١٤٤١ هـ
مقال رايع بروعة الكاتب وفقك يابو رايد