في يومٍ من الأيام وأنا أصلي بالناس إمامًا، شد انتباهي صاحب التميس!!
أقصد ذاك الخبّاز الذي بجوار المسجد من الجنسية الأفغانية.
يكسوه الورع والزهد، وتعلوه الابتسامة الدائمة.. لا تفوته جماعة المسجد من ليل أو نهار.
كلما انفتلت من صلاتي وأدرت وجهي للمصلين أراه خلفي، في جميع الفروض، وأجزم بأنه أكثر حضورًا مني للمسجد فقد أغيب عنه لعمل أو ارتباط.
أما هو فمن مخبزه إلى سكنه إلى مسجده.
فكنت أقول في نفسي، وأنا أرى كثيرًا من الشباب من جيران المسجد الذين يفرطون في كثيرٍ من صلاة الجماعة.. مع تواجدهم في البيوت.
أين نحن من صاحب التميس!!
كنت أقول في نفسي، وأنا أسمع كثيرًا من الشباب من حولي يقولون طفشنا وملينا.. مع أنهم يتمتعون بكل وسائل الترفيه.
أين نحن من صاحب التميس!!
الذي يقابل فرنه كل يوم من الساعة ٦ صباحًا، وحتى ١١ مساءً دون ملل ولا كلل، لا يعرف عطلة ولا إجازة ولا مناسبة.. يتقلب بين الغربة والتعب.
كنت أقول في نفسي عندما نتعرض للشمس دقائق أو نبتعد عن المكيف لحظات فلا نتحمل ذلك.
أين نحن من صاحب التميس!!
الذي يقابل لهيب النار وعناء الفرن كل يوم عشر ساعات فلا تراه إلا مبتسمًا، لا يشتكي لأحد.
أقول لكل شخص يشتكي من ضغط العمل أو قلة التقدير أين نحن من صاحب التميس!!
الذي لا تفتر يده من الصبح إلى آخر الليل بين العجين والفرن.
ومع ذلك يواجه أصناف الزبائن وطبقات من الناس، وقد يغلظون له القول، وهو لا يزال بنفس الهدوء والإشراقة الصباحية.
لا أخفيكم حقيقة بأني معجب بصاحب التميس، وقد استفدت منه كثيرًا من دروس الحياة:
الانضباط، تقديم الأولويات، الصبر، المثابرة، التكيف مع الظروف، التغلب على مشاق العمل.
فأين نحن من صاحب التميس؟!
استمر يادكتور احمد ، موفق ان شاء الله