ترنيمة:
(حين اكتشفتُك لم يكن قصدي اكتشافك، فأنا الذي ما كنتُ ضِد الحب يومًا أو معه.
أنا مؤمن أن الفصول الأربعة ستظل دومًا أربعة، وبأن شمسًا واحدة، وبأن بدرًا واحدًا فتن الوجود إلى السماء السابعة.
لكنني حين اكتشفتك كل الأمور تغيرت، فأضفت بدرًا ثانيًا،
وأضفت شمسًا ثانية.
وأضفت فصلًا خامسًا ما أروعه) عبدالعزيز جويدة
ثمان سنوات خلت كنت فيها أرتوي من نبع أولئك الطيبين خلف القضبان حتى غدوا لي كسحرٍ انقلب على الساحر.
بتّ أنا من يحتاج الجلوس إليهم أكثر من حاجتهم للجلوس معي.
هناك كنا نُفصّل من اللحظات البهيمة عباءة زاهية نرتديها بفرح، نغنّي سويًّا ببساطة وحب أجمل أغنيات الشوق، نُصغي معًا لأجمل حكايا المتعبين.
ونرسم على جدار الزمن لوحات لها لون زاهٍ كالفجر الجديد.
نعيش اللحظة بتفاصيلها مع ترنيمة مشبعةٍ بآهٍ تنطلق من صدر مكلوم ومن حنايا أرواح ممتلئة، يتزاحم فيها الأنين بالندم والحنين بالأمل.
يا إلهي، كيف سأتذكر لحظاتنا !!
حين كنا نحتلج راقصين على صدى قصيدة تنطلق من حنجرة يخنقها الشجن واللوعة فتخرج منها، كما يجب أن يكون لحن الحياة.
هناك كانت بضاعتي (الحُب)
والذهاب إليهم فقط لأجل(الاستماع والاستمتاع)؛ لأني أدركت يقينًا أنهم هناك ليسوا في حاجة لخطبي الفارغة، ولا لتوصياتي المعلّبة.
ولا هم في حاجة لمن يملأهم بضجيج التأنيب.
من مائدة الحب صنعنا مدن الحكاية وأرصفة اللذة وناطحات سحاب من الأمنيات، وكتبنا معًا صفحة مطرزة بأزهى الألوان. ومعهم قطفت غيمات مثقلة ستمطرنا بالذكرى العزيزة.
اعتبارًا من هذه الليلة سأفتقد أولئك الطيبين وسأجدني فارغًا منهم، من أُنسهم، من جميل وصاخب قفشاتهم، وخاليًّا من رقصاتهم ومن آهاتهم.
منهم تعلمت ماذا يعني الصبر
علموني لذة اكتشاف كم هي حكايات المتعبين ضوء !!!.
كيف تكون ذكرى نتخفف بها من هجير الوقت ومن سوداوية زماننا، بل من ردائتنا.
البارحة كانت ليلة الختام التي لم تخل من الشجن والذكريات والأمنيات والكثير من حبال الود الممتد.
ومع نهايتها ترسّبت في أعماقي قناعة مفادها “أنه في أحايين كثيرة يولد الإنسان مجددًا خلف القضبان”.
حقًّا لقد كانوا أقمارًا، فصلاً خامسًا وشمسًّا ثانية، لذا لن أنسى تلك اللحظة التي كنت فيها أردد مع نفسي، وأنا أُغادرهم ( هناك إنسان ) .