إن التغير الاجتماعي يعتبر سمة من سمات الحياة الإنسانية، ونجد منذ أن ظهر الإنسان على سطح الأرض نجد أنه محاط بالعديد من التغيرات البيئية والاجتماعية والثقافية وغيرها،
ولقد تناول العلّامة الاجتماعي “ابن خلدون” مفهوم التغير الاجتماعي بقوله “إن أحوال العالم والأمم، وعوائدهم ونحلهم لا تدوم على وتيرة واحدة ومنهاج مستقر، وإنما هو اختلاف على الأيام، والأزمنة، وانتقال من حال إلى حال، وكما يكون في الأشخاص والأمصار، فكذلك يقع في الأقطار والأزمنة والدول، وهو يرى أن التغير في المجتمعات الإنسانية يعود أساسًا إلى اختلاط الشعوب والثقافات المتعددة.
ونلاحظ أن التغير الاجتماعي الحقيقي والملموس في زمننا الحاضر يرتبط غالبًا بالعصرية، وانتقال المجتمعات من مرحلة ما قبل الصناعة إلى مرحلة ما بعد الصناعة، والتغير الذي يحدث أيضًا في وقتنا الحاضر لا ينفصل عما يحدث في النظم الاجتماعية العالمية.
وهناك عوامل عديدة اساسية لإحداث التغير الاجتماعي منها ما يلي:
-العامل التكنولوجي؛ حيث أدى التطور التكنولوجي إلى تطور مذهل في أدوات، وآلات الزراعة، وإلى ظهور التخصص الدقيق، وتقسيم العمل، وتطور وسائل النقل والمواصلات وأثر على تركيبة النظم الاجتماعية؛ وخاصة الأنظمة الأسرية، والتعليمية، والاقتصادية.
-العامل الفكري، وهنا يؤكد علماء الاجتماع أن العامل الفكري والأيديولوجي من العوامل القوية والمؤثرة في التغير الاجتماعي، ونجد أن نزول الأديان السماوية أدى إلى تغير نمط الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السائدة من قبل، كما أدت الأفكار إلى حدوث ثورات كبرى سواء أكانت سياسية مثل الثورة الفرنسية أو الثورة الصناعية في بريطانيا والتي أحدثت، وأدت إلى تغيرات شاملة في نمط الحياة الاجتماعية بصورة عامة.
– تطور المؤسسات والتنظيمات الرسمية، ونجد في عصرنا الحاضر أنه أصبحت للمؤسسات الرسمية الأثر الأكبر في حياة الأفراد؛ حيث أسهمت في إبراز العلاقات الثانوية غير الشخصية وإضعاف البناءات التقليدية، كما أصبح لهذه المؤسسات الكثير من المهام والمسؤوليات التي تسعى في تحقيقها في المجتمع وبأساليب متعددة.
-العامل الاقتصادي، وهو يعتبر من أهم العوامل للتغير الاجتماعي في عصرنا الحالي، ونلاحظ أن العوامل الاقتصادية المتعددة تؤثر في عمليات التغير الاجتماعي بصورة مباشرة وغير مباشرة، فتنوع موارد الطبيعة من المواد الخام مثل البترول والمعادن والإنتاج الزراعي والصناعي، يؤثر ويحدد أتشطة الإنسان ووظائف معيشته وحياته عمومًا.
ونجد مثلًا أن اكتشاف البترول في المملكة العربية السعودية قد أحدث الكثير من التغيرات السكانية، والعمرانية وأنماط الهجرة الداخلية والخارجية، وأحدثت العديد من مظاهر التغير والتنمية والتحديث، كما أدت إلى تغير أنماط الإنتاج باستخدام التكنولوجيا الحديثة إلى حدوث تغيرات كثيرة في العلاقات الاجتماعية وأنماط التفاعل بين المجتمعات والجماعات الاجتماعيةً، علاوة إلى حدوث الحراك الاجتماعي بين السكان.
وهناك عوامل أخرى تؤدي إلى حدوث التغير الاجتماعي الحاضر لا يتسع المجال لتناولها هنا، ويمكن أن يخصص لها مقال آخر ومنها؛ العوامل الديموجرافية والسكانية، الانتشار والاتصال الثقافي، التغيرات البيئية، الجروب والثورات، والحركات الاجتماعية الإصلاحية، وكذلك التحديث والتمدن.