فنجان قهوة بالنسبة لي مع كل صباح كفيل بأن يمحو من رأسي كل ضجيج العالم وأخباره التي تعج بالحروب والكوارث والنكبات، فالعالم أصبح يغلي على صفيح ساخن يتصدر المشهد فيه ما ألمّ بهذا الكوكب من أضرار جراء جائحة كورونا التي جعلت العالم بأسره يمشي عكس اتجاه عقارب الساعة.
إلا أن صباح يوم السبت الماضي كان المشهد فيه مع قهوتي مختلفًا تمامًا فما بين حدائق أوراقي خيّم الصمت علي، ووقعت تحت تأثير صدمة ما تناقلته وكالات الأنباء والصحافة العالمية والمحلية.
صدمة في أناس طالما أصموا أذننا بشعارات الوطنية البراقة، فإذا هم اليوم أكثر الخلق إجرامًا وألمًا للوطن، يعرقلون ويعطلون كل مسيرة بناء ليشبعوا نزوات طالما أخفوها عن الأنظار، ولم يعلموا أن هذه البلاد ستبقى شامخة عزيزة، وأن أرضها ستلفظ كل من تسول له نفسه خيانتها.
فلا شيء يبرر خيانة الوطن، ولا عذر للخائن في خيانة وطنه، ومن يقدم عليها يستحق أقصى العقوبات؛ لأنه باع ضميره وأدار ظهره للوطن، وهي آفة من الآفات وكارثة من الكوارث، ولا شفاعة لمرتكبها مهما كانت منزلته، ومهما كان السبب الذي دفعه عليها.
فكل الذين يخططون لنهب مقدرات البلاد وخيراته وتفتيت لُحمته ووحدته لايعرفون المعنى السامي لكلمة وطن إنما يعرفون مصالحهم الشخصية، وكل ما من شأنه أن يمس بوحدة وأمن
الوطن؛ لأنهم اعتادوا على الأخذ لا العطاء، وفي نظرهم أن ما يقومون به هو نوع من الدهاء والذكاء.
فليس هناك غرابة في أن يحب الإنسان وطنه الذي نشأ على أرضه وشبّ على ثراه، وترعرع بين جنباته؛ لأن ذلك من الأمور الفطرية، إنما الغريب وغير المقبول خيانته، والتآمر عليه ونهب ثرواته.
وخزة قلم:
المسؤول الذي تحركه مصالحه الشخصية والذاتية لايمكن الوثوق فيه؛ لأنه حتمًا سيبيع كل شيء مقابل الأموال الملوثة.