دمعة الحب الساخنة ذرفتها ذات يوم وكانت مختلفة عن كل الدموع؛ حيث تمر على الإنسان في هذه الحياة منغصات عديدة وظروف وأحداث مؤلمة وشديدة، وفي بعض الأحيان تكون الدموع شاهدًا على قوة الحدث ومرارته، وقد واجهت كغيري من الناس مواقف صعبة ومؤثرة في حياتي.
لكن دمعتي كانت دائمًا غائبة ولم تكن أبدًا قريبة وحاضرة، لا أعرف سببًا لذلك غير أني كنت أحسب ذلك نوع من رباطة الجأش، وصلابة النفس، حتى أتى اليوم الذي خرجت دمعتي وسالت عبرتي سريعًا كحبات المطر، وتناثرت ساخنة على الورق دون أن أستطيع حتى مقاومة خروجها؛ وكأني كنت أستمتع بتلك الدمعة الساخنة التي جلبت وراءها قطرات من الدموع المتسارعةوالمتلاحقة.
أقفلت باب مكتبي خشية أن يراني أحد من الموظفين، وأخذت أقرأ سطور الخطاب السري الذي وصلني وأعيد قراءته من جديد عدة مرات؛ وكأني أقرأه للوهلة الأولى.
هالني صياغته الجافة، وآلمني كثيرًا مفرداته وسطوره الباردة، وأخذت أبحث لعل وعسى عن جملة، سطر، بل حتى حرف أو معنى مجازي فيه نوع وحد أدنى من المجاملة اللطيفة، أو العبارات ذات الحس الإنساني الرفيع، ولم أجد سوى سطور جامدة ألوانها باهتة، وحروفها قاتمة، ومعانيها باردة، لاحياة فيها.
رجع بي الخيال والذاكرة إلى زمن بعيد، بعيد جدًّا لم أكن وقتها أعلم أنه سينقضي سريعًا كحفلة الأعراس سرعان ما تنتهي في سويعات قليلة مودعة ليلة صاخبة جميلة.
هل عرفتم ماسر تلك الدمعة الساخنة؟؟؟
السر أيها القرّاء الأعزاء، أن لحظة الوداع مع من تحب عادة تكون صعبة، لكنها تصبح قاتلة حين يكون وداعه باردًا كبرودة فصل الشتاء في القطب الشمالي.
والسر يكمن في أن أسلوب الوداع كان روتينيًّا رسميًّا، وخاليًّا من أي لمسات إنسانية معبرة.
أنا لا ألوم المرسل، فهذا ربما خارج اهتماماته وانشغالاته، ولا الوم المُعد والمحرر فهذا قد يكون خارج مسئولياته، بل ألوم عيني وألوم دمعتي وألوم أحاسيسي المرهفة.
أنا لست أول المتقاعدين ولن أكون آخر مستقبل لهذا النوع القاسي من الرسائل التقاعدية الرسمية، وكان يجب أن أحبس دموعي كما كنت أفعل، لكني لم أستطع والله، وكان يجب أن أقاوم وأتجلد كما كنت أجتهد سابقًا يعلم الله، لكني في هذه المرة لم أتمكن، هل هي المفاجأة أم لحظة الحقيقة ربما لا أدري!!!!
لست نادمًا على دمعة الحب التي ذرفتها في مكتبي، فقد كانت دمعة حُب غالية لشركة غالية ذرفتها عرفانًا واعترافًا مني أن فراقها علي مؤلم، ورحيلي عن دارها مٌتّعب وقاسي .
كيف لا وهذه الشركة العريقة الخطوط السعودية التي عرفتني ودربتني كيف أتعامل مع الناس وأتواصل وأتفاعل مع البشر، كيف أفاوض وكيف أكسب التفاوض ووسعت مداركي في مجالات التسويق المتنوعة ونقلتني من موقع الى موقع ومن تجربة إلى تجربة أخرى، ومن مسئولية إلى مسئولية أكبر، وكنت ابنها البار، وكانت هي بيتي الكبير.
وأرجو من جميع الجهات التي ترسل هذا النوع من الخطابات الروتينية أن يعاد النظر في صيغة هذا النوع من الخطابات؛ لكي تكون لها روح واحساس فهي موجهة للبشر وليس للآلات، وأي بشر أنهم بشر أفنوا زهرة شبابهم في الخدمة وأقل مايستحقون من الجهات الذين يعملون فيها خطاب وداعي لائق يتم صياغته بطريقة تجعل من يقرأه يشعر بالرضى والتقدير والسرور، وليس بالألم والضيق في الصدور.
رفقاً بنا ايها المتقاعد .. فقد سبقناك واستقبلنا تلك الخطابات المفاجئة والجافة وهذه هي سنة الحياة لا إعتراض ولكن اين الضرر اذا تم اشعار الموظف قبلها بشهر او اكثر وأعطي خطاب شكر وتقدير على مابذله من جهد وعطاء خلال خدمته .. هل هذا الاسلوب صعب ؟ ام انه سيكلف احداً شيئاً ؟ اعتقد لا .. ولكن هو الروتين الجاف الذي ينتهجه الرئيس وكأنه سيخلددعلى كرسيه !!
ليتنا نعيد حساباتنا مع مثل هذه القرارات ويكون للانسانية ومراعاة مشاعر الاخرين مكان والله المستعان
: راااائعه صياغة المقال
بجد دموع امتنان وعرفان لسنوات المهنه اللي قضيتها في ظل هالمكان….
نادر من يفي ويحب مكان عمله
موفق يارب اينما تكون
مقالة جميلة جدا واكيد هما عجزوا يلاقوا كلمات توفيك حقك من الشكر والامتنان يكفيك فخرا البصمة والاثر الجميل اللي تركته بالتوفيق دائما وابدا لك في كل مكان تتواجد فيه
كلمات تلامس القلب بكل ذوق واحساس،، احسست أنني انا متلقي الخطاب ولا اتمنى ان يصلني خطاب بهذا الجفاف بعد سنين الولاء والوفاء والتفاني،، بورك قلمك وبورك احساسك وسلمت دمعتك الغالية
اعجبتني روعه الوصف الموجز بذكر كل التفاصيل التي توصل الرساله