قدمت جماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها نفسها للغرب على أنها حركة بصفتها قوة ديمقراطية معتدلة مناوئة للشيوعيين، لكن لم تثق الولايات المتحدة في قدراتها وفضلت الاعتماد على السعودية في تحرير أفغانستان عن طريق المجاهدين من الشيوعية، الذين انقلبوا على الولايات المتحدة وعلى السعودية فيما بعد، وأخذت الدول درسا في الحذر من توظيف الجهاديين، كانت فرصة الإخوان في الترويج لأنفسهم عند العرب على أنهم يسعون لتأسيس دولة الخلافة التي انتهت في تركيا،كان آخر سلاطين بني عثمان السلطان عبد الحميد هزمت في الحرب العالمية الأولى نتيجة اضمحلال الدولة العثمانية، وأرسل أتاتورك رسالة للينين يطلب فيها دعمه وقعت اتفاقية في 16 مارس 1921 حمت تركيا من الغرب، وفي وسط اسطنبول في تقسيم هناك نصب تذكاري للروس الذين دعموا أتاتورك لحماية تركيا من قبل الغرب، وكذلك روجوا لأنفسهم عند الغرب من أن نموذجهم ديمقراطي معتدل يواجه الأنظمة الاستبدادية وتقبل توظيفها ضد أوطانها.
استطاع الإخوان خلق وعي زائف لدى الشعوب العربية تحت ستار الدين والأعمال الخيرية خصوصا كانت لديهم قدرات في خدمة شرائح واسعة من المجتمع المصري خصوصا فيما يتعلق بتلقي العلاج عبر مستشفيات خيرية، أوجدت لها حواضن بشرية خصوصا ممن ذوي توجه البعد الواحد، وليس لديهم فهم للواقع، ما نسميه بالتموضع الأيديولوجي.
فنجد بعض العرب يتحمس لمشروع ولاية الفقيه، والبعض الآخر يتحمس للمشروع الإخواني التركي، ويتغافل مثل هؤلاء المتحمسون من أن لكل طرف حلم يطمح إلى تحقيقه، فولاية الفقيه تطمح إلى تحقيق الحلم الفارسي بمد نفوذها عبر المنطقة العربية،وكذلك المشروع التركي يطمح إلى تحقيق الحلم العثماني، رغم أن هناك التقاء بين المشروعين مثال ذلك حماس الإخوانية تتلق دعم من ولاية الفقيه وحزب الله، ودولة قطر المنصة الإخوانيةوالتمويلية أثبت تقرير استخباراتي أن قطر تمول حزب الله اللبناني، وطبيعي أن يلتقي المشروعان عند ضعفهما، لكن في أوج قوة أحدهما لا يلتقي مع الآخر، فأصبحت 15 دولة عربية مهددة من القوتين وبدأت حشد الجماعات الإسلامية المسلحة المتعددة الجنسيات في طرابلس ومن قبل في سوريا والعراق واليمن والصومال.
وصلت جماعة الإخوان إلى الحكم بالانقلاب العسكري كما في السودان وغادرته بثورة شعبية، ووصلت جماعة الإخوان إلى الحكم في مصر بالانتخابات وغادرته أيضا بثورة شعبية ضدها في 2013، وهناك كانت أيضا محاولات في ذلك الوقت أن تشارك الجماعة في الحكم في الكويت والأردن والجزائر وتونس والمغرب، لكن في الوقت الحاضر انكشفت الجماعة بعدما أدركت الدول العربية أنها توظف من قبل تركيا لكن الأردن أصدر قرارا بحل جماعة الإخوان، والآن في تونس يحاول المجتمع إسقاطهم بعد تجاوز رئيس البرلمان الغنوشي حدود صلاحياته وزيارة رجب أردوغان وتهنئة الوفاق بتحرير قاعدة الوطيةالتي تعرضت لضربة جوية من قبل طائرات مجهولة، وهذا يثبت أن الإخوان ليست قراراتهم وطنية بل هي قرارات متعدية الأوطان.
لا فرق بين جماعة الإخوان المسلمين وتيار الصحوة فهما مسميان لفكر واحد، ولكن مسمى الصحوة وبشكل خاص برز في السعودية فقط لتمييزه عن تيار الإخوان المسلمين من أجل الحصول على شرعية من الدولة، ومن يتتبع تيار الصحوة في السعودية يجد أنه ساهم في تقسيم المجتمع السعودي،وساهم في خلق صراعات وسجالات، باعتبار أنهم التيار الأقوى في المجتمع، وأنه يحق له أن يمتلك الحق والوسطية ما دعاهم يرفضون أي تنوع فكري في المجتمع.
حاول الصحويون اختطاف حتى الحرب على الإرهاب لإظهار مدى تحكمهم في المشهد بعدما ستطاعوا أن يسوقوا نفسهم للدولة على أنهم الأقدر على محاربة الإرهاب، وأنهم الأقدر على مفاوضة القاعدة نيابة عن الدولة فقط من أجل إعادة بعث شرعية رموز الصحوة، وهو ما يثبت أن لتيار الصحوة علاقة برموز القاعدة، لكن الدولة كانت واعية لمثل هذا السيناريو المبطن، ورفض الأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله وزير الداخلية حينها من أي توسط بين الصحويين والقاعدة واعتبره أمر مرفوض،واعتبر أن هذا التفاوض هو مسؤولية الدولة، لكن لم يمانع الأمير نايف من القيام بدور النصح والإرشاد.
حاول الصحويون الإخوانيون في عهد الملك سلمان حفظه الله وأمد في عمره في 2015 تمنيهم من أن يوثق الملك سلمان تحالفه مع تركيا اردوغان الإخوانية مقابل التوقف عن التحالف مع مصر، لأنهم كانوا يعتبرون الجيش المصري انقلب على الرئيس المنتخب،لكن فاتهم أن السعودية سياستها ثابتة وفي عهد الملك عبد الله هي من دعمت الجيش المصري الذي دعم بدوره الثورة الشعبية ضد حكم الإخوان، رغم ذلك يرددون ما تردده قناة الجزيرة بان ما حدث في مصر انقلاب عسكري على الشرعية، ولا يشيرون إلى ثورة الشعب المصري الذي خرج لإزاحة جماعة الإخوان المسلمين الذين فشلوا في الحكم، ولم تمر سنةواحدة على حكمهم بعدما انتخبهم الشعب، وكانت السعودية لا ترغب في خسارة دولة إقليمية كبيرة مثل تركيا، ولكن مع ذلك وضع الملك سلمان خطوطا حمراء لإردوغان بعدم المساس بالأمن المصري، لكن إردوغان لم يف بذلك ولم تكن حساباته دقيقة ولم يتوقع أن السعودية تعني ما تقول، والغريب أن تركيا دعمت الثورة المصرية عام 1922 ضد الحكم الملكي ،ولم تسميه بالانقلاب العسكري على النظام الشرعي.
ولكن لم يتنبه إردوغان لتلك الخطوط الحمراء بل استهان بها، ما جعل الدول العربية الأربع تفضل محاصرة قطر ممول جماعة الإخوان المسلمين، ما جعل إردوغان يسارع إلى إقامة أول قاعدة عسكرية له في قطر وهو خط أحمر لا يقل عن الخط الأحمر الذي وضعته السعودية لإردوغان وهو المساس بأمن مصر، فبدأت المواجهة بين الجانبين، وخرجت الاستثمارات الخليجية من تركيا عندها تأثر الاقتصاد التركي على إثر خروج تلك الاستثمارات، وتراجعت الليرة التركية من 2 ليرة مقابل الدولار عام 2014 إلى 7 ليرات مقابل الدولار في 2020 ما جعل إردوغان يدخل مرحلة تخبط ويعتقد أنه يستطيع اضعاف السعودية رغم أنه يعرف حجمها وقدرها ومكانتها لكنه حاول نسيان ذلك في فترة تهور وغضب في ظل اختلاط الأرواق السياسية والأزمات التي تسبب فيها إردوغان لتركيا مع روسيا ومع الولايات المتحدة ومع أوربا ومع العرب ومع الأكراد فلم يجد سوى إيران للتحالف معها وهي الأخرى في حالة استهداف وضعف فقط من أجل الضغط على الأطراف العربية والأمريكية.
فيما السعودية تعيش مرحلة ثورية في التحول الشامل قادها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حيث صدرت رؤية المملكة 2030 وحاول ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن تلك الرؤية شاملة لدول الجوار ويمكن أن تتحول المنطقة إلى أوربا الجديدة، وكانت للرؤية بنود، ومن أجل أن تتحقق الرؤية، كان يتطلب وقف مشروع الصحويين الإخوانيينداخل السعودية الذي أعاق التنمية المجتمعية في الفترة الماضية من أجل مشاركة المرأة في التنمية، وفتح المجال التنموي وإزاحة الخطوط الحمراء التي كانت تفرضها جماعة الإخوان المسلمين الصحويين على المجتمع وعلى عدد من قطاعات التنمية مثل السياحة والترفيه وغيرها والتي لا تتعارض مع أصول الدين الإسلامي ولم تعترض على بنود الرؤية هيئةكبار العلماء باعتبار أن الصحويين كانوا معتمدين على أدلة ظنية وليست أدلة يقينية، خصوصا وهناك حديث أبي هريرة ( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ) رواه أبو داود وحديث آخر أخرجه البيهقي وصححه الألباني ( يرث هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تأويل الجاهلين وانتحال المبطلين وتحريف الغالين ) خصوصا في ملفات عديدة أبرزها ملف الإختلاط وملف الغناء والموسيقى وغيرها من ملفات خصوصا فيما بتعلق بالسياحة الداخلية.
حاولت السعودية في زمن الملك عبد الله احتواء تلك الجماعة، وكانت تدرك الدولة أن تلك الجماعة هي تاريخ من عداء الأوطان في السر والعلن، وأن التطرف ملة واحدة، خصوصا وأن هناك علاقة مشتركة بين الجماعات المتطرفة، والحالة الإخوانية الصحوية تسببت في حالة احتراب داخلي في كل وطن من الوطن العربي ،ما أدى إلى تقسيم المجتمعات، وهو ما ينافي الوحدة الوطنية التي يدعو لها الدين ( إنما المؤمنون إخوة ) فيما الإخوان المسلمين تحولوا من الوحدة إلى التحزب والاحتراب وعابرين للحدود.
بعدما كشفت تسريبات خيمة القذافي الذي استعان بالإخوان في تنفيذ مخططه، وكانت دولة قطر على رأس تلك الحربة في تسريبات خيمة القذافي، شاركت فيها شخصيات دبلوماسية بارزة في تلك الخيمة، أتت هذه الخيمة بعد مؤتمر القمة في شرم الشيخ عام 2003 بعد احتلال أمريكا للعراق، بعدما حدثت مواجهة بين القذافي الذي انتقد الدورالسعودي ظلما وبهتانا مثلما تروجه إيران وتركيا وأتباعهما تجاه السعودية لتشويه سمعتها ومكانتها، فواجهه الملك عبد الله القذافي بالحقيقة عندما كان وليا للعهد من أن اتهامه لدور السعودي ليس صحيحا وفيه تجني على دورها الفعال في الدفاع عن الأمة العربية، وأن تصريحاته الكاذبة تخدم الأعداء وليس في صالح وحدة الأمة العربية.
فكون خيمة الضرار والتسريبات ساهمت في فضح حقيقة الإخوان وتآمرهم ضد السعودية وبشكل خاص فضحت أمير قطر محمد بن خليفة ووزير خارجيته وتآمرهما على السعودية خدمة لمشاريع خارجية، لكن الخطير أن يتم في تلك الخيمة ترتيبات لقتل الملك عبد الله، إذ كلف محمد إسماعيل في المخابرات الليبية الذي اتصل بأحد أبرز الإخوان في أمريكا عبد الرحمن العمودي الذي تعتبره الولايات المتحدة الوجه المشرق للإسلام، فقبلتولى المهمة بعد التنسيق مع المعارضة السعودية في لندن، وتلقى مليونين دولار لتمويل العملية، وذهب محمد إسماعيل إلى السعودية لترتيب تنفيذ العملية، وعندما شعر أن الاستخبارات السعودية علمت بالعملية،هرب بالبحر إلى مصر، لكن قبض عليه الأمن في مصر وسلمه للسعودية، وكذلك تم القبض على عبد الرحمن العامودي في لندن، ووجدت بريطانيا معه مبالغ كبيرة، فحجزتها وسمحت له بالسفر إلى أمريكا، لكن تم القبض عليه في أمريكا واعترف بالتهمة، وحكم عليه 25 سنة،لكن الملك عبد الله بن عبد العزيز حينما تولى الملك في 2005 عفا عن المتهمين والمسجونين في السعودية وعلى رأسهم الليبي من الاستخبارات الليبية محمد إسماعيل ومعه البقية المسجونون في السعودية.
يحاول الإخوان اليوم بعد فشل مشروعهم في كثير من الدول العربية التشبث بإردوغانلينقذهم من الشتات، ونصبوه خليفة لهم بعد غياب مرشده المسجون في السجون المصرية،لذلك حاولوا تمجيد الدولة العثمانية عبر مجموعة من المسلسلات التلفزيونية لكن تنبهت السعودية لذلك بعدما كانت تعرض تلك المسلسلات عبر شاشات الMBC ، وأوقفتها وكان ينتظر أن يبث مسلسلات مثل مسلسل القرن العظيم الذي يتحدث عن سليمان القانوني عاشر سلاطين الدولة العثمانية، ومسلسل قيامة أرطغرل الذي يحاول مؤلفه المقاربة بين أرطغرل مؤسس الدولة العثمانية وبين إردوغان، ويعتبرونه مؤسس الدولة العثمانية الجديدة مقارنة بمؤسس الدولة العثماينة أرطغرل في القرن الثالث عشر الميلادي، وهناك محاولات أخرى لدعم إردوغانفي سوريا وفي ليبيا وفي المنطقة، ويعتبرونه الخليفة الشرعي للإخوان الجدد.
كذلك هناك صحوة أوربية بعدما كانت ترى في النموذج التركي الإخواني يمثل الإسلام الوسطي المستنير معتمدة على تصريحات إردوغان عندما قال ( من الضروري أن نعترف بحقوق المثلية وينبغي أن تكون محمية من قبل القانون في ضوء حقوقهم وحرياتهم الشخصية ) وكذلك راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي رئيس حركة النهضة قال في حوار أجراه معه الصحفي الفرنسي أوليفيه رافتليلو قائلا ( أنه يرفض تجريم المثلية الجنسية معتبرا أن لكل شخص حر في ميوله ) ما يعني أنهم وصوليين ويريدون الاندماج الصوري لدى صانع القرار الغربي من أنهم النموذج الأقرب لهم في مواجهة النظم الاستبدادية في الشرق الأوسط خصوصا بعد تحويل آيا صوفية من متحف إلى مسجد فقط من أجل تعزيز شعبيته القومجية التركية في الداخل التركي بسبب معاناته من أزمات سياسية واقتصادية في الداخل التركي وكذلك تعزيز شعبيته الإسلامية خصوصا لدى جماعة الإخوان المسلمين لرفده بالمليشيات لأنه يقاتل في أراضي ليست ملكا لها وبمليشيات ليست تابعة له.
كما تراجعت أمريكا عن دعم مشروع ولاية الفقيه ضد المنطقة العربية، وبالأخص ضد المملكة العربية السعودية، فكذلك أوربا اليوم لديها صحوة متمثلة في البيان الناري الألماني الفرنسي الإيطالي لمواجهة دولة الخلافة العثمانية التي يقودها إردوغان وبتمويل قطري ومليشيات على غرار مليشيات الحشد الشعبي الذي أنشأته إيران في العراق وفي لبنان وفي سوريا واليمن، وهذه الصحوة الأوربية تستبق أن يحقق إردوغان ما حققته إيران في المنطقة العربية من أن ينشئ مليشيات منتشرة في ليبيا وبقية شمال أفريقيا.
أدرك الغرب أن إردوغان سيجعل من ليبيا رأس الحربة لتنفيذ مخططه العثماني الواسع الذي يمتد إلى القرن الأفريقي، لكن السعودية حاصرته وأخرجته من خلال تشكيل مجلس دول البحر الأحمر وخليج عدن، وسيتجه نحو شمال افريقيا.
هناك اصطفاف عربي أوربي بدأ من حديث الرئيس التونسي قيس سعيد مع محطة فرانس 24 الذي حذر من سيناريو الفيدرالية المطروح بالنسبة لليبيا هو المقدمة للانفصال بل قال أني أعلم ما لم يعلمه الآخرون، ومطلع على مخفيات عديدة يقصد أن هناك مشاريع أدواتها الإخوان ومليشياتها، وحتى فرنسا تدرك مثل تلك المخططات، ففي يناير 2018 في تصريحات لصحيفة الصباح المغربية قال إيف أويان ميسيريار الذي عمل سفيرا لبلاده في العراق وفي تونس يشير إلى ما أسماه مخططا مقصودا ومتعمدا تقف وراءه قوى دولية كبرى لإشعال بؤر توتر طائفي وعرقي في المغرب والجزائر لرسم حدود داخلية في أكبر بؤرتين مغاربيتين.
وهو عهد قديم لصاحب نظرية صدام الحضارات، فبعد تجربتي أفغانستان والعراق تحولت إلى تجارب فاشلة ومكلفة، وحتى المشاريع في عهد أوباما لم تعد نافعة والتي نشرتها في عام 2013 صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عبر مركزها للدراسات بنشر صور وخرائط تمثل تصورات لتقسيم 5 دول لتفرز 14 دولة، لذلك يتجه إردوغان زعيم الإخوان في المنطقة العربية وقطر لتحقيق هذا المشروع في ليبيا الذي أثير قبل سبع سنوات، بل كان عبارة عن تصورات، وما أكثر الدراسات الغربية والتصورات، وهو يريد تحقيقه على يديه مثلما حققت أمريكا تفتيت المنطقة على يد إيران، ولم يستوعب إردوغان أن تلك المشاريع لم تعد تؤمن بها أمريكا ولا أوربا بسبب بروز روسيا والصين كمنافسين لهما، وأن هذا التفتيت والتقسيم لم يعد يصب في صالحهما.
هذه حقائق ومشاهد ثابتة تقود إلى أهمية تفكيك مشهد الإخوان والإسلام السياسي، ولم يعد يصب في صالح الغرب كما كان من قبل، وأن النموذج التركي الإخواني بتمويل قطري أصبح خطرا على المنطقة، وسابقت الأردن الزمن واتجهت إلى حل جماعة الإخوان، والكويت بدأت تحاكم أحد نشطاء الإخوان والذي ورد اسمه ضمن تسريبات خيمة القذافي، والآن تونس تتجه نحو تقزيم الإخوان، وكذلك الجزائر والمغرب اللذين لا يزالان متوجسان وموقفهما غامض حتى الآن ويعتقدان أن الحياد في صالحهما بل هما أكثر الدول العربية تضررا من الأزمة الليبية، وإن كانا في النهاية ستنضمان إلى مصر والسعودية خصوصا بعد زيارة عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي إلى المغرب الذي تعترف به المغرب من أنه مجلس شرعي ما يعني انتهاء شرعية اتفاق الصخيرات الذي وقع في المغرب.
وهناك بالفعل تحذيرات أوربية وتعزيزات أميركية تجبر تركيا على التراجع في المتوسط، حيث تصدت البحرية اليونانية للاستفزازات التركية بنشر بوارج في بحر إيجة معلنة حالة التأهب بعد إعلان أنقرة القيام بأنشطة التنقيب قرب جزيرة كاستيلوريزو اليونانية في خطوة وصفت بمحاولة من إردوغان لإلغاء معاهدة لوزان التي وقعت عام 1923، وكانت لإلغاء الخلافة وتأسيس دولة تركيا العلمانية ومنع تركيا من التنقيب عن البترول واعتبار مضيق البسفور الرابط بين البحر الأسود وبحر مرمرة ثم إلى البحر المتوسط ممرا دوليا لا يحق لتركيا تحصيل رسوم من السفن المارة فيه، وتنتهي هذه المعاهدة في 2023، وهنا تأتي مساعي إردوغان لبداية عهد جديد يعيد لأنقرة الحق في التنقيب عن النفط وحفر قناة جديدة تربط بين البحر الأسود ومرمرة تمهيدا للبدء في تحصيل الرسوم من السفن المارة.
وفي زيارته لليونان عام 2017 اقترح ضم مدينة كاردزهالي إلى بلاده باعتبارها تقع على الحدود الروحية لتركيا، ما أدى إلى مظاهرات في بلغاريا التي كانت تتولى رئاسة الاتحاد الأوربي في ذلك الوقت.
وصل ألفين جندي أميركي إلى اليونان ومروحيات وأسلحة من أجل القيام بمناورات مشتركة، بعد تلك الخطوة ألغت سفارة تركيا في أمريكا تغريدة عن سفينة تنقيب تابعة لها في المتوسط، ما يعني أن النموذج التركي الإخواني يتجه نحو التلاشي.