طبعا تعيش منطقة الباحة فترة عطلة الدراسة التي صادفت وباء فيروس كورونا فاختلط حَبّ المساقي بحَبّ العثرّي كما كان يردد بائع الحرف اليدوية ” غرم ” يرحمه الله وكان يضيف عبارة ( وبعد يزيد ) أما وأننا نعيش هذا الفيروس فنرجو من الله عز وجل ألا يزيد .
نعود للباحة المصيف والمشتى التي تعتبر كما أطلقت عليها من زمن بعيد في مقالات ونشر تقارير في جريدة الشرق الأوسط وهي كذلك ففيها ممكن تستمتع برحلتَي الشتاء والصيف بحسب تضاريسها وتباين الأجواء في محافظاتها بين السراة وتهامة والبادية يميز الباحة عن غيرها أن الانتقال بين السراة وتهامة قد لا يصل لعشرين دقيقة حيث تنتقل في الشتاء باتجاه تهامة في جو معتدل وبعكس ذلك تنتقل من محافظات تهامة – وبالذات المخواة وقلوة في فترة الصيف – من جو ساخن ودرجات حرارة عالية إلى السراة في جو معتدل بدأ في الأعوام الماضية وبالذات هذا العام يميل للبرودة وانتشار الضباب الكثيف وهطول الأمطار بشكل شبه يومي مما أثار إعجاب الكثير من السياح الموجودين في غاباتها وقراها ومنتزهاتها ومعالمها السياحية والاستمتاع بمنتجاتها من الفواكه الموسمية المميزة .
نقلت عدسات المحترفين صورا من سيول أوديتها وشلالاتها كما هو شلال وادي جدر في بيضان محافظة بني حسن الذي يتدفق هذه الأيام نحو بيرالقلت وسد العامر إذ أضفى للسياح لقربه من الباحة مناظر كانوا يرونها في الصور عبر قوقل والآن بفضل الله ثم بفضل الأمطار أصبح شاهدا على جمال هذه المنتزهات كمنتزه الأمير مشاري بمحافظة بني حسن ومنتزه رغدان الشهير بالباحة وغيرها في محافظات المندق وبالجرشي والقرى والعقيق فهي فترة أعتقد بل أجزم أنها من أفضل فترات الصيف هذا العام .
من هذه المقدمة فلا أحد يخالفني ولن يختلف اثنان على أن الطبيعة في الباحة والأجواء وحتى السكان مثلث بهذه الأضلاع التي تميزنا كمنطقة هي الأقرب للجميع المناطق الشرقية الوسطى الغربية التي تصل في مدنها درجات الحرارة لمستويات بين 40-50 درجة مئوية والذي صادف هذا العام بالذات توقف كثير من المطارات الفرعية الداخلية وتوقف الطيران الخارجي الذي دعم السياحة الداخلية وسهولة الوصول للباحة من طرق مزدوجة سريعة تربطها بالطائف المصيف ومنه تنطلق قوافل السياح للباحة في أقل من ساعتين وطرق أخرى مشابهة داخلية بين المحافظات ونفى مع الظروف العالمية ما يسمى بالسياحة الخارجية فأصبح دقيقنا في سمننا وريال يدور في بلادنا وهذا هو المطلوب لانتعاش الاقتصاد الداخلي ويقلص مصاريف السفر والإقامة ويعطي الفرصة لجميع شرائح وطبقات المجتمع وبالذات ذوي الدخل المحدود .
أعود للأهم والمراد من مقالي إنها الصنعة السياحية التي غابت عن منطقة الباحة والتي نرجو أن تتكون عبر جهات خدمية رسمية وأهلية ومنظمات مجتمع مدني ولاشك بأننا نعول بالدرجة الأولى على مقام الإمارة وعلى رأسها سمو أمير المنطقة الدكتور حسام بن سعود المتحمس لهكذا برامج وتطوير بعد أن آمن بأن هذه المنطقة جميلة في طبيعتها وأجوائها ويعتز بسكانها وبالتالي نقترح إعادة تشكيل ما يسمى بلجان التنشيط السياحي بتكوين لجنة عليا لهذا الغرض تحت رئاسة سموه شخصيا وعضوية عملية وليست صورية من جميع المحافظات وتنفيذية بوجود سعادة وكيل الإمارة للشؤون التنموية ليتم البت في قراراتها بسرعة ولتحظى بدعمه المادي والمعنوي وبمكانته كواحد من رجالات الاقتصاد المعروفين إذ بهذه العلاقة يستطيع تقديم الكثير من الدعم لمشروعاتها السياحية بالذات إلى جانب توجيهاته ومتابعته للجهات الحكومية لتنفيذ كل ما من شأنه رفع معدلات وجودة الخدمات الضرورية التي يحتاجها المواطن طول العام فهو هدف للتنمية ويجب ألا يحرم من هذه الخدمات فضلا عن السائح الذي يريد تحقيق كل متطلبات إقامته في الباحة سواء في الصيف أو طوال العام باعتبار المنطقة لها ظروفها المستجدة بوجود جامعة ومطار سيتحول لدولي ووجود فروع لجميع الوزارات والهيئات الحكومية مما يعزز معدلات سكانية معقولة رغم كثرة المساكن الخوالي بسبب الهجرة للعمل في مناطق أخرى .
أعجبني برامج فلكلور نشرتها قنوات محلية لبعض محافظات عسير كمساهمة في تفعيل برامج السياحة رغم الجائحة مع التزامهم بالتباعد النظامي وربما برامج أخرى على الأرض أرسلت مقاطعها لأحد الزملاء المعنيين وسألته: ونحن نريد نسمع صوتنا ونعلي من شأن سياحتنا واتساع ساحتنا لماذا لم نقدم مثل هذه البرامج ؟ طبعا اكتفى بالسكوت ولكني أعيد السؤال اليوم لفرع هيئة السياحة بالباحة ولفنون وثقافة الباحة ولجهات أخرى هل ينقصكم الدعم لتنفيذ مثل هذه البرامج لاسيما وأن لدينا أكثر من مسرح مفتوح وعلى رأسها المسرح النموذجي الذي تم تشييده في مراوة التابعة لمحافظة بني حسن حسب قراها والسؤال الذي يقفز هنا على السطح : هل هذا المسرح موقوف على الفنانين الكبار الذين يقبضون مبالغ كبيرة لفقرات زمنية قصيرة تحسب ربما بالدقائق؟ لماذا لا نجعله لجميع برامجنا طول العام وفي فترات الصيف ولتسجيل برامج فلكلور ومسرحيات وهوايات ونشاطات أخرى يتم عرضها في القنوات المحلية وممكن في العربية كذلك لماذا لا نقيم فيه سوقا لمنتجاتنا بطريقة منظمة ولماذا لا نضع زيارة المتاحف الخاصة ضمن برامجنا ولماذا ولماذا ولماذ .. أسئلة كثيرة تحتاج لإجابات عملية لا نظرية ولكن بعد تكوين اللجنة التي أشرت لها ويكون عملها خاص بالسياحة ونشاطها العام وكل ما يميز المنطقة تجاه ذلك لتكون كما ذكر المسؤولون فيها بأنها وجهة سياحية واعتقد بل أجزم لو تم تشكيلها وبدأت أعمالها ودراساتها نحو الأهداف والرؤية سيكون سمو الأمير أكبر الداعمين الموجهين المباركين فهل من سامع وهل من مجيب !؟
انعطاف قلم :
لا أحد يزايد علينا في حبنا للباحة التي ولدنا فيها ونشأنا وقضينا حياتنا فيها ولازلنا ولا أحد يفسر أحلامنا بحسب ما يريد نحن نحلم بأن نكون في المقدمة وما ذلك على أميرها الغالي النشط بعزيز فهو الوحيد الذي نريد منه ترجمة هذه الأحلام بتوجيهه ودعمه على كل الأصعدة .
شكرا لك يا دكتور عبد الله غريب ليس غريبا منك مثل هذه الدرر وانت من أبناء منطقة الباحة وصاحب أفكار نيرة منيرة واتفق معك في كل كلمة بل في كل حرف.
لك اجمل التحايا
إمكانات منطقة الباحة السياحية عديدة ولكن
مالم تنجح المنطقة في استقطاب رجال الأعمال والشركات الكبرى في مجال الترفيه والنزل السياحي .
ومالم يكون هناك تنمية للوعي والفكر السياحي بالمنطقة .
فستستمر المنطقة تسير ببطء نحو استقطاب السائحين وستقتصر السياحة على عودة أبنائها المهاجرين في المناطق الأخرى لقضاء الصيف .