تعد الحملات الإعلانية بأشكالها المختلفة سواءً التقليدية منها أو الحديثة من أهم أنشطة الاتصال التي تمتلكها المنظمة للتعريف بمنتجاتها، والتأثير على سلوك عملائها، وتتمكن من خلالها من استفزاز الطلب ودفعه للمستويات المرغوبة.
وكما هو معروف فإن الحملات الإعلانية يجب أن يتم تصميمها والتخطيط لها لتحقق جملةً من الأهداف التسويقية والترويجية المختلفة، فهي ليست حالة عرضية أو اجتهادية من قبل القائمين عليها، خاصةً عندما يتم تناولها من الناحية المالية؛ حيث تزداد حساسية التخطيط للحملات الإعلانية عندما يتم تقدير مخصصاتها السنوية لضخامة مخصصاتها؛ حيث تشير بعض الدراسات أن مخصصات الحملات الإعلانية وحدها تبلغ 50% من التكاليف التسويقية.
ولما كان المورد المالي داخل التنظيم هو المورد الأكثر تأثيرًا على نتائج أعمال المنظمة، وهو الأكثر عُرضةً للرقابة والمسائلة، زاد ذلك من الضغط على إدارة التسويق بأنشطتها المختلفة بضرورة امتلاك القدرة على تخطيط هذا المورد وصرفه بكفاءة عالية ووفق أهداف محددة وقد ظهر جليًّا في السنوات الأخيرة أن 70% من المنظمات العاملة في المملكة العربية السعودية تفشل في أول خمس سنوات من نشاطها بسبب عدم وجود خطط استراتيجية فعالة في المجال التسويقي، وما نسبته 60 % تنفقها شركات ومؤسسات القطاع الخاص على أعمال وأنشطة تسويق مهدرة (إعلانات، وترويج، ودعاية).
فوفرة الموارد المالية داخل المنظمة لا يعطي إدارة التسويق المبرر لاستنزاف الميزانية من خلال ضخ مبالغ طائلة على الحملات الإعلانية.
ومن جهة أخرى فإن شح الموارد المالية للمنظمة لا يعطي الإدارة العليا الحق في تقليص الحملات الإعلانية دون المستوى المطلوب، وما بين الإفراط والتفريط يقع المستوى الأمثل من الإنفاق.
أن الحملات الإعلانية تواجه تحديًّا صعبًا من بين سائر النفقات الأخرى داخل التنظيم فعند التعرض لأي هزة في الأرباح وتبني المنظمة لسياسة “شد الحزام” يقع العين عليها؛ لتكون هي الضحية التي يطالها التقليص والتخفيض عند الأزمات، وتعد سياسة شطب مخصصات الحملات الإعلانية في الربع الأخير من السنة سياسة منتشرة بين منظمات الأعمال لعدم ظهور نتائج الحملة غالبًا في الأجل القصير والتي تنعكس آثارها على تقييم أداء الإدارة نهاية العام.
ومما سبق خلاصة القول إن الزيادة في حجم المبالغ المخصصة للحملات الإعلانية وإن حققت أهدافها إلا أن ذلك لا يعكس بالضرورة الكفاءة في تخصيصها؛ فقد تكون المنظمة قادرة على تحقيق أهدافها بنصف ما خصص من أموال للحملات الإعلانية وفي هذه الحالة يعتبر النصف الباقي هدرًا لا مبرر له كان بالإمكان تجنبه وتوجيهه لقنوات إنفاق أخرى فيما لو تم تقدير المخصصات بطريقة مدروسة.
وفي المقابل فإن خفض المبالغ المخصصة للحملات الإعلانية والتقتير عليها قد يشل إدارة التسويق، ويجعلها غير قادرة على بلوغ أهدفها.
ولمواجهة هذين النقيضين تبرز أهمية بناء مخصصات مالية للحملات الإعلانية من أصحاب القرار بطريقة منهجية واضحة ومدروسة؛ بحيث تكون بعيدة كل البعد عن العشوائية ووفق طرق نظرية تعارفت عليها الأدبيات التسويقية لا يتسع المقال لذكرها.
كما تبرز أيضًا أهمية إيضاح، وشرح نتائج الحملات الإعلانية وأثرها على المبيعات لصناع القرار داخل المنظمة مما يمكن إدارة التسويق من الدفاع عن مخصصاتها الإعلانية المقدرة من بين سائر النفقات الأخرى، فيما لو تعرضت لمحاولة التقليص أو الإسقاط.
——————
– أستاذ الإعلان والاتصال التسويقي