لقد اشتهرت بمدينة مكة المكرمة -شرفها الله- بالعديد من الأسواق الهامة والمتنوعة ومن أشهرها السوق الصغير، الذي ينتهي بباب إبراهيم بالمسجد الحرام في منطقة قديمة كانت تسمى (الحزورة)، ولقد ذكر أن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام وقف على راحلته بالحزورة، وهو يقول لأهل مكة: “أما والله أنك لأحب البلاد إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت”، ويعتبر هذا السوق من أعظم وأجمل الأسواق القديمة بمكة، وهو إلى جانب مجاورته للمسجد الحرام أقرب سوق إليه، كان يمثل السوق الرئيس للحجاج والأهالي الذي يوفر لهم المواد التموينية من خضراوات وفواكه ولحوم وخبز، وهناك يوجد فيه باعة السمن واللبن والأسماك والأطعمة الشعبية المتنوعة. وهذا السوق أقرب لأهالي حارات الشبيكة والباب، وجبل عمر والمسفلة والهجلة.
وظل هذا السوق الصغير واحدًا من أشهر وأعرق أسواق مكة المكرمة حتى إزالته سنة ١٤٠٧هـ لصالح توسعة المسجد الحرام.
أما من الناحية المقابلة جهة الصفا وأجياد فكانت هناك في بدايات القرن الرابع عشر الهجري مجموعة كبرى من الدكاكين التي يختلف تنظيمها وشكلها عن السوق الصغير، الذي كان أشبه بأسواق استنبول بتركيا على نحو ما يصفها الرحالة بوركهارت الذي رأى في رحلته أن عددًا كبيرًا من هذه الدكاكين التي تباع فيها الألبسة والساعات، ونسخ القرآن المزخرفة، والسيوف الجميلة وغيرها.
من أجمل المشاهد التي كانت تميز لهذين السوقين وجود المقاهي في أطرافهما، وكانت تزدحم بالناس طوال الوقت، وكانت لهذه المقاهي يوجد بُعد اجتماعي وثقافي وفكري متعدد.
إلى الشمال من المروة مقربة من حارة الشامية يوجد سوق سويقة، وهى سوق قديمة كانت تمتد بين المروة والشامية التي كان يسكنها التجار الأغنياء، وهى سوق مسقوفة بصفائح معدنية، وأرضها ترابية، ولكنها ترش يوميًّا بعد صلاة العصر بالماء، فيمنع الرش انتشار الغبار الذي يضر بالسلع المبيعة، كما أنه يعمل على تبريد الجو في السوق، وفِي تلك السوق كان يباع فيها العطور والدهون والصندل وأنواع المصوغات والأحجار الكريمة، وكانت تباع فيها أيضًا السلع الشامية والحلبية من منسوجات حريرية، وكذلك قصب الذهب والفضة والكوفيات من بغداد ودمشق والسجاجيد من تركيا، وأيضًا تباع السبح والمجوهرات، والأقمشة الرجالية والنسائية والشيلان الكشميرية ..
أما في شرق الحرم، وابتداء من المسعى، وانتهاء بالمعلاة في الشمال الشرقي مرورًا بالغزة والراقوبة والجودرية والسليمانية؛ فقد وجد العديد من الأسواق، وتعددت اختصاصاتها وبضائعها.
وكان هناك سوق مهم من أسواق مكة، وهو (سوق الليل) وهو جزء من حارة سوق الليل، وفِي تلك المنطقة مولد سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وإلى جنوبه جبل أبي قبيس، وتعود أسباب تسميته بسوق الليل وفقًا لما هو شائع عند أهل مكة، أن الباعة كانوا يجتمعون ليلًا لبيع ما تبقى لديهم من بضاعة لم تنفذ، لذلك كانت المأكولات هى الأكثر رواجًا في هذه السوق، كالفول، والخبز، والمطبق، والعصيدة، واللحوم، والخضراوات، والفواكه، والأسماك، والحبوب،
وغيرها.
واذا تقدمت شمالًا تواجهك أسواق الغزة، وبالقرب منها سوق الجلايل، الذي يقع خلف شارع الجفالي بالقرب من شعب عامر والمدعى والسليمانية والمعلاة، وهى أسواق كبيرة ومشهورة.
وكانت الحلقة القديمة في سوق المعلاة، وفيها يباع الفواكه واللحوم والخضار والمواد الغذائية، وكان يوجد فيها سوق لبيع المواشي أيضًا.
وهناك سوق قديم أزيلت مؤخرًا، وهو سوق (الراقوبة)، وهو جزء من حارة القرارة قريب من المدعى من الناحية العلوية الغربية، وفيه دكاكين متعددة لبيع الخردوات ومستلزمات الخياطة وغيرها.
هذا ولقد كان لكبار تجار مكة يوجد أحواش خاصة بهم عبارة عن مستودعات لحفظ وتخزين بضائعهم، ومن ثم توزيعها داخل المدينة، وكانت بعض تلك الأحواش مشتركة لأكثر من تاجر.
هذه لمحة موجزة عن أسواق مكة المكرمة القديمة.
1
موضوع شيق و طرح سلس جميل ، جزاك الله خير.
أعدتنا الى ايّام الطفولة حيث ترعرعت في حارة الشبيكة المجاورة للسوق الصغير. الله اكبر على زكريات تركت اثرً جميلاً في نفوسنا!