قد يعتقد البعض عند قراءة العنوان بأنني أقصد المفرد والجمع لكلمة أضحية، وهو ما لم أقصده هنا فالأضحيّة (بفتح الياء وتشديدها) هي إحدى شعائر الإسلام التي يتقرّب بها المسلمون إلى الله بما يتم ذبحه من بهيمة الأنعام امتثالًا لأمر الله -عز وجل- وتأسيًّا بسنة رسوله عليه الصلاة والسلام.
فقبل أيام من حلول عيد الأضحى، تتحول أسواق بيع المواشي إلى مقصد للمواطنين والمقيمين لشراء الأضحية؛ حيث لا فرحة ولا طعم للعيد بدونها، وقد حلّ علينا هذا العام عيد الأضحى في ظل أزمة “فيروس كورونا”، وما ترتب عليها من أضرار اقتصادية ومادية على الدول والأفراد؛ حيث فقد البعض وظائفهم والبعض الآخر تدنت أجورهم عطفًا على ارتفاع الضريبة، وما نتج عنها من غلاء معيشي فانعكس كل ذلك سلبًا على قاصدي هذه الأسواق فوقعوا بين فكي ضيق ذات اليد، وجشع تجار الماشية الذين حولوهم إلى ضحايا للأضاحي؛ حيث يتم استغلالهم ورفع الأسعار عند الشراء، وهذا ما قصدته بكلمة (ضحايا) في الجزء الآخر من العنوان.
فلا يجد هؤلاء الضحايا أمام هذا الغلاء الفاحش في الأسعار إلا الاستدانة من الأقارب أو الأصحاب أو الجيران، وإثقال كواهلهم المالية بالديون، وكل ذلك من أجل إسعاد أسرهم بشراء أضحية العيد التي كانت ومازالت تحمل في معانيها بُعدًا دينيًّا كبيرًا، ومعاني اجتماعية عميقة، فمن خلالها تجتمع الأسرة على الأضحية في المنزل لتشهد “الذبح”؛ ليكبروا ويذكروا اسم الله عليها مما جعل لعيد الأضحى ذلك الوقع الروحي الجميل داخل الأنفس مع العلم أن الدين الإسلامي بيسره وسماحته قد رخص لمن لا يستطيع أن يضحي إلا أن إدخال الفرحة والبهجة، يبقى هاجسًا ودافعًا لكل رب أسرة خاصة في مواسم الأفراح والأعياد.
وفي ظل تعميق مفهوم غلاء الأسعار، نجد أن الأغنام في كل مناطق المملكة قد ارتفعت أسعارها إلى حدود غير مسبوقة، حيث فوجئ مرتادو أسواق الماشية بمختلف أنواعها، المحلية منها والمستوردة بارتفاع جنوني في أسعارها؛ حيث تجاوزت بعض أنواعها ثلاثة آلاف ريال، رغم كثرة المعروض الذي نستطيع كشفه ومشاهدته من خلال جولة سريعة بين أسواق الماشية المُنتشرة في مختلف ربوع الوطن، والتي يتحجج تجار الماشية فيها بحجج واهية مبررين بها سبب رفعهم للأسعار؛ مما يستوجب على الجهات ذات العلاقة التدخل السريع لوضع حد لارتفاع الأسعار، وفرض رقابة صارمة على الأسواق لمنع استغلال بعض ضعاف النفوس للمواسم والأعياد فمراقبة أسواق الماشية، تُمكن الجميع من شراء الأضحية دون أن يكونوا ضحايا تُذبح جيوبهم قبل أن يذبحو أضحيتهم!
وخزة قلم:
ارتفاع الأسعار في المواسم، أصبح ظاهرة فمن أمن العقوبة رفع الأسعار بكل سهولة.