دار حوار بيني وبين صديقتي رانية حول الصورة النمطية التي تنطبع في أذهان كثير من الناس عن الشخصيات المؤثرة أو الناجحة..
وكيف أن هذه الصورة النمطية الذهنية في كثيرٍ من الأحيان هي صورة مشوهة للحقيقة والواقع، إذ إنها صورة تبرز فقط النهاية التي وصلوا لها.. والنهاية عادة هي الجزء الجميل من مخاض جوانب الحياة.. فهي صورة تبرز لنا الكيان النهائي في أبهى حلّة.
وتفكرّنا معًا كيف يغيب عن أذهان الكثير الرحلة الطويلة من البناء أو ليكون إعادة التشكيل التي قام بها هذا الشخص الناجح أو المؤثر حتى يصل للإخراج النهائي من كيانه الإنساني، والذي يجذبنا، وينال استحسان الكثير وإعجابهم.
في نفس الوقت قرأت مقتطفات كتبها المؤثر أحمد الشقيري في حسابه في الإنستغرام عن أساليبه في التخلص من عبء الماضي بما يتضمنه من مواقف سلبية..
دفعني ما سبق إلى الوعي بفكرة محورية هامة وهي: أن ما نراه من صور إنسانية في أبهى حللها ليست هي الصورة الأولى للكيان الإنساني بالضرورة، فقد يمر الجميع بلا استثناء برحلة حياتية تتخللها ظروف ومواقف طاحنة وسلبية تختلف شدتها.. ولكن كان لهذا المؤثر، وهذا الناجح دور في إعادة تشكيل حياته والخروج بصورة إنسانية مبهرة.
الجميع يا أصدقائي يتعرض في رحلة الحياة لظروف لا يستطيع التحكم بها وظروف أخرى يمكنه التحكم بها..
ولنعيش وننجح علينا أولًا: تقبل ثم تقبل مالا يمكن التحكم به، ويمكننا استكشاف المعاني الخفية في محاولة؛ لتحسين رد فعلنا تجاهها.
ثانيًّا: علينا استخدام التفكير والفعل تجاه مايمكننا التحكم فيه والسيطرة عليه..
ولنتذكر دومًا أننا قد نواجه الكثير من العوائق والمغريات في الرحلة لا بأس بذلك، ولنجعل غاياتنا وأهدافنا الكبرى دومًا حاضرة في أذهاننا، بل ومكتوبة أمامنا في الأماكن القريبة التي تقع عليها أعيننا باستمرار لتغذي التوق في التحسن والتطور الإنساني المستمر، ولتكن حافز لنا في مواجهة المغريات المختلفة من حولنا وأبرزها الخمول والاستسلام. إننا في كتابتنا لغاياتنا وأهدافنا نكون قد قمنا بأولى خطواتنا في نقلها من عالم الخيال إلى عالم الواقع.. فهاهي في تلك اللحظة ما عادت فكرة في ذهن إنسان فقط بل هي نتاج ورقي في واقع ملموس أمامنا.
لعل نهاية العام الهجري محطة تأمل لما مضى واستشراف لما هو قادم.
لكي تكون بداية التغيير الإيجابي من هنا.. مستضيئة بما كتبه عبد الوهاب مطاوع: يقول أحد فلاسفة الإغريق إن كل شيء في الحياة يتغير إلا قانون التغيير نفسه! فلماذا نتصور أن الحياة سوف تخالف هذا القانون فيما يخصنا نحن فقط.. فتبقى الأبواب مسدودة.. والأحلام بعيدة.
الأحلام ليست بعيدة ياأصدقائي.. ولكن لنتخلى عن عقلية السناجب التي رغم نشاطها وحيوتها؛ فإنها تفتقد القدرة على التنظيم، وبالتالي تظل طوال حياتها تقطف، وتجمع ثمار البلوط والبندق الفائض عن حاجتها.. علينا أن نوازن بين قدراتنا وطموحاتنا، وهذه الموازنة هامة؛ لأن وصولنا التدريجي لطموحاتنا المبدئية هو في حد ذاته حافز قوي للتقدم للطموحات الأعلى.
ولعل ما اجتاح العالم من أزمة كورونا يكن من الشدائد التي تخرج أفضل مالدينا.. وهنا يمرّ بخاطري مقولة مولان -الفيلم الكرتوني- الزهرة التي تزهر في الشدائد هي الأكثر جمالًا وندرة على الإطلاق.
تذكروا أن وجود الأهداف الواضحة يقود إلى الشعور بالرضا والسعادة، وإذا لم تتضح أهدافنا في أذهاننا؛ فإن الاحتمال الأكبر أننا سندخل في دائرة السعي لتحقيق أهداف غيرنا.
هذا لاينفي أن التعاون المجتمعي فاعل لتحقيق الأهداف المجتمعية الكبرى، مع التأكيد أن المجتمع بحاجة إلى إنجازات أبنائه وذلك يتم من خلال الأهداف الذاتية.