ذلك الفايروس الصغير، والوباء المستطير الذي عمّ بلاؤه جميع أرجاء العالم ..
هذا الداء بالرغم من مساوئه الصحية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أنه أفرز بعض المخرجات الإيجابية بحق المجتمعات ..
وأقصر الحديث هنا على المجتمع السعودي، فمن تلك الإيجابيات ما فرضه علينا من تغيير في نمط الحياة الاجتماعية السائدة في جوانبها السلبية، فأعدنا حساباتنا في كثرة الولائم وكثرة المعازيم، واقتصرنا على الضروري منها فقط، والمحدود جدًّا سواء في التكاليف أو في أعداد الضيوف المعازيم ..
النقطة الثانية، هو تحجيمنا عن كثرة المجاملات فيما يتعلق بطبيعة السلام والأحضان، فعلمنا بأن نكتفي بتحية الإسلام من بعيد (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) دون ملامسة، ولا مصافحة، ولا (( تبويس )) ..
النقطة الثالثة، أرشدنا إلى أدب المائدة بالأكل مما يليك وفي طبقك الخاص بعيدًا عن تسابق، وتصادم الأيادي على الصحن الواحد للفوز بلقمة معينة من لحمة محددة ..
النقطة الرابعة، فيما يتعلق بالسياحة، فسياحة السعوديين هذا العام واختيارهم للمصايف السعودية من الطائف إلى جازان، لم يكن خيارًا اختياريًّا، بل كان إجباريًّا لتوقف الرحلات الدولية، فكان البديل في سنة “كورونا” هو السياحة الداخلية ..
وهنا أركز حديثي على هذه النقطة تحديدًا التي أرغمت كورونا المجتمع على تجربتها حتى ولو كان غير مقتنع بنجاحها وجدواها ..
فكلنا تابعنا حركة السياحة ومعاناة السياح، بسبب عدم جاهزية واكتمال مقومات السياحة بالشكل الذي يحلم به السائح ويحقق راحته واستمتاعه ..
فالسياحة ليست طبيعة خلابة وأجواء باردة وماطرة فقط، بل هي مقدرات واستعدادات بشرية منظمة، لخلق وصناعة سياحة جاذبة، بما تحويه من برامج سياحية متعددة، من توفير مساكن مريحة ونظيفة وأسعار مناسبة، وكذلك تأمين مصادر إعاشة وتموين من مطاعم وخلافه في مواقع السياحة، وليس في وسط المدينة وأطرافها، بالإضافة إلى تأمين مواصلات للنقل الجماعي مع المرشدين السياحيين، الذين يتولون الشرح والتعريف لكل المواقع المدرجة في البرنامج السياحي، وذلك تلافيًّا لاستخدام السيارات الخاصة للسياح التي تسبب إرباك الحركة المرورية جراء الازدحام الضخم في طرق ومداخل المواقع السياحية، كما شاهدنا في مواقع التواصل الاجتماعي بجميع المدن السياحية ..
كل تلك العوائق لن تختفي من المشهد السياحي السعودي، إلا بتضافر الجهود المشتركة، والتنسيق الشامل بين هيئة السياحة ورجال الأعمال المستثمرين في مجال السياحة، حتى نكون فعلًا من صناع السياحة بمفهومها الصحيح الذي لم يعد خافيًّا على السائح السعودي، فضلًا عن السائح الأجنبي الذي نخطط لاستقطابه ضمن خياراته العالمية، فهل ننجح اختياريًّا في جذب السياح خلال الأعوام القادمة ؟
2
موضوع مهم وتشكر على هذا الطرح الجميل بأسلوبك الأجمل
شكراً أخي علي بن دايل ..
وفقنا الله وإياكم إلى كل خير .