الادّعاء الزّائف بالعمل الصّحفي والانتماء الإعلامي، كثيرًا ما يحفل به واقعنا الإعلامي والصّحفي، وهو ادّعاء سهل المنال في ظلّ أدوات التّواصل التي لا يحكمها ضابط، وممّا يزيد من عور هذا الادّعاء كثرة المطبّلين من أنصاف الإعلاميين الذي صنعهم -أيضًا- ذات الادعاء الزائف..!!
ليست معنيًّا بأمثال هؤلاءِ أو هؤلاءِ؛ ولكنّني معني أشدّ العناية بلغة التّظليل والتّعمية على عباد الله خاصّة في ظلّ ما تجده من هؤلاء وهؤلاء من (وقاحة) و(قلة حياء) تقرأه في كلّ سطر مكتوب أو صوت مسموع، وهذا لعمري لهو البلاء الذي لا ينفع معه نصح ناصح، أو تجلية خبير!!
فمن خبر المطبخ الصّحفي على وجه التحقيق -فعلًا وممارسة- خبر هذا النّوع من المدّعين وأنصاف الإعلاميين، ومن عمل بشكل حقيقي في عالم الصحافة خبر هؤلاء المتسلّقين وجهلهم بمواطن الخبر، والحوار، والتّحقيق، والاستطلاع، والتقرير؛ فضلًا عن صناعته، وإعداده، وصياغته.
فليس كلّ من نُشر له أي خبرٍ في مكان ما أصبح إعلاميًّا، وليس كلّ من كتب تقريرًا صحفيًّا، أو أنشأ حوارًا، أو تقريرًا، أو استطلاعًا أصبح صحفيًّا، فالإعلام صناعة تحتاج إلى الكثير من الجهد والتّعب والممارسة، فتحصيل الخبرة الإعلاميّة ليست مما يُسْتسهل في عالم كلّه اطّلاع، ومثابرة، واحترافيّة منذ الساعة الأولى لصناعة المادة الإعلاميّة حتى ترى النور في عالم المكتوب والمقروء، وحتى المسموع.
لقد عرفت على امتداد السنوات التي عملت فيها الكثير والكثير جدًّا من مدّعي الإعلام، وعرفت منهم من لا يصلح بتاتًا لكتابة سطر يستحق القراءة؛ فضلًا عن النشر له، وعرفت أنّ أكثر الذين يعلون من أصواتهم بادّعاء الإعلام، ودعوى المهنية هم أكثرهم بعدًا كل ذلك؛ بل أبعد ما يكونون عن صناعة خبر صغير في بضعة أسطر في زاوية محشورة في صحيفة سيارة تقرأ.. فتلقى!!
لقد مرّت سنوات على الإعلام الرّسمي -مثلاً- والبحث عن (أحد ما) في (منطقة ما) كي يقوم فقط؛ بنقل ما يدور في تلك المنطقة من فعاليات -مثلًا- ليأتي دور المحرر الرئيس في إعادة صياغة ما تمّ إرساله؛ ليكون صالحًا للنشر بعد جهد جهيد، وعمل شاق يحكمه المعلومة والتدرج في بنائه؛ ليصبح خبرًا يصحّ نشره كما يصحّ قرأته.
ولقد مرّت عليَّ تجارب (فاشلة)، و(سارقة) بمعنى الكلمة.
فاشلة في بناء الخبر وصياغته، حتى إنك تضطر إلى هدم الخبر، وإعادة بنائه من جديد كي يصبح صالحًا للنشر.
وسارقة؛ لأنّ بعض هؤلاء يعتمد مع فشله إلى سرقة تصريح سابق، أو تغطية سالفة مع تغيير بعض الكلمات والأسماء..!!
وتعاقبت السنوات، والبعض منهم قذفته الصّحافة الرسمية -بوصفها المختبر الحقيقي للصحفي- بعد صبر عليه ومصابرة، والبعض منهم لما يزل يراوح مكانه دون أي حراك إعلامي يشفع له بالبقاء، ولما يزل -أيضًا- متشبثًا أيّما تشبث بذلك التأريخ حتى توقف به الزمن، وهو ما برح يذكر ذلك التاريخ، ويلوح به في كلّ زمان ومكان!!
فأيّ ماحقة أصابت الإعلام من هؤلاء؟!
وأيّ جريرة يرتكبها هؤلاء في حقّ الإعلام، وصناعة الكلمة؟!
وللحديث تتمة وصلة.