المقالات

البضائع وأماكن استيرادها في مكة بالقرن الرابع عشر الهجري

في رحلة الضابط الروسي عبد العزيز دولتشين إلى مكة المكرمة في بدايات القرن الرابع عشر الهجري، وبالتحديد عام ١٣١٥هـ -١٨٩٨م ذكر ما يلي: “يمكن وصف أشغال معظم سكان مكة بإيجاز بالغ أنهم يعيشون على الحجاج …وأثناء توافد الحجيج، تتحول المدينة إلى بازار هائل، ويقومون باستيراد كميات كبيرة من المنتوجات المعيشية والبضائع؛ لتلبية طلبات الأهالي وجموع الحجاج البالغ عددها أكثر من مائة ألف حاج، يستجلبون إلى هنا كمية كبيرة من شتى البضائع من القسطنطينية ومصر والشام والبلدان المجاورة في آسيا؛ وذلك مع قوافل الحجاج والبواخر التي ترسو في ميناء جدة.
وكانت مصر تقدم على الأغلب المنتوجات المعيشية مثل: الحنطة، والفول، والشعير، والرز، والسكر، والعدس وغيرها، وسوريا ترسل مع المحمل الدمشقي وبحرًا عبر بيروت، كمية كبيرة من الألبسة الحريرية الجاهزة والمناديل المطرزة بالحرير والفواكه، وبغداد والبصرة ترسلان مع قوافل الحجاج البضائع الحريرية والصوفية، والأرز والسمنة البقرية والغنمية. وبلاد فارس ترسل السجاد والحصائر والعباءات وغير ذلك، والهند ترسل البضائع المتنوعة ومنها الأنية من النحاس والبورسلين، والمرجان والبهارات والمواد العلاجية، والعطرية وخلافها. واليمن ترسل البن والعقيق، “وكان في مكة ينتجون كمية قليلة من الأشياء التي يجرى تصريفها بين الحجاج القادمين، والمقصود هنا من المسابح من الصدف والخواتم الفضية المرصعة بأحجار عين الشمس اليمني، كذلك يصنعون الخواتم من الزخارف الفضية، كما يصنعون آنية من الصفيح لأجل نقل مياه زمزم وما إلى ذلك.

ويواصل دولتشين وصفه قائلًا: ثم إن سكان مكة يكسبون مبلغًا كبيرًا من النقود بتأجير الغرف والشقق، وقيامهم بمراسم الحج بتكليف من الحجاج أو بالنيابة عن أقاربهم الغائبين، وقيامهم بدور المرشدين في حال أداء الفرائض.

ولقد ذكر مجموعة من التجار القدامى بمكة المكرمة أن البضائع في منتصف القرن الرابع عشر الهجري وما بعده، كانت تستورد من دول مختلفة من العالم، ومن ذلك السودان، الذي كان يستورد منه الدخن والسمسم والذرة واللوز والزيت، ومن سوريا العمم الحلبية والاقمشة الحريرية والقطنية واللحف والكلف التي تستخدم في خياطة الملابس.

واشتهرت عدن بأنها مركز تجاري دولي أيام كانت ملتقى سفن بريطانيا، ومحطة استراحةً الأساطيل في طريقها من وإلى الهند وشرقي آسيا، وبلاد البحر الأحمر وحوض البحر المتوسط وأوروبا، فكانت البضائع الواردة من عدن تتراوح بين الملابس الحديثة والجاهزة، والأقمشة الرجالية والنسائية، والعطور والذهب والحلي، وأدوات الزينة والكاميرات، والأثاث، والأجهزة الكهربائية والمعدات.
ومن الهند كانت تجيء البهارات، والأرز والأبازير والشيلان الكشميرية والعودة والعطور، ثم هناك السجاد العجمي لبيوت الأثرياء، وكان يستورد مباشرة من أماكن تصنيعه في إيران، وكذلك يستورد منها الزعفران والفستق وسحلب وحلى منها ما عرف بالمن والسلوى ونوع من الأرز اشتهر ب “عنبر بوه”.
أما من شرق آسيا فأكثر البضائع كانت تجيء مع الحجاج الأندوسيين، ومن بينها الفوط الجاوية والزنجبيل والزيوت النباتية والعودة وفصوص العقيق والأحجار الكريمة؛ إضافة إلى الخشب الجاوي المشهور بصلابته، والذي لا يزال إبى يومنا، هذا يستعمل في بناء البيوت الشعبية وخصوصًا السقوف.

وفِي زمننا الحاضر نجد أنه في المملكة العربية السعودية ومنها مدينة مكة المكرمة شرفها الله، تصل إليها البضائع من كل حدب وصوب، وبوسائل المواصلات المتعددة البرية والبحرية والجوية.

ونجد أن الأسواق تزخر بآلاف البضائع الأساسية والكمالية، والتي تستورد من كل أنحاء العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى