المقالات

سقط المتاع..!!

من الغيِّ أن ترهن نفسك في تفنيد المزاعم الكاذبة.
ومن الغيِّ الصَّبر على مَن يكذب حتَّى صدَّق نفسه فيما يدَّعيه زورًا وبهتانًا.
ومن الغيِّ أن تطوِّق العقول بمجادلة الكاذب؛ لبيان حقيقته وتعريتها، وتفنيد أباطيله ومزاعمه، وما ينسبه من أقاويل بأيِّ ذريعة مقبولة أو مردودة، وهي تتراءى في أثواب النِّفاق والرياء وابتغاء السّمعة.
فإذا كانت الكتابة صناعة، فإنَّ الإعلام هو الآخر صناعة، ولكنَّها صناعة من نوع خاص، لا تكفي فيها الرّغبة وحبّ الظهور والأنس به.
فالإعلام أيًّا كان نوعه، كلٌّ يدَّعيه ويتشدَّق به، في زمن أصبحت المعلومة محمولة بين أصبعين صغيرين، تدار كما أديرُ الآن بثلاثة أصابع من عشرة لكتابة هذه الأسطر.
والله، وتالله..
أحلف حلفين متواترين، إنَّني أعرف -تمام المعرفة- مَن “يدَّعي” الإعلام، و “يتشدَّق” به تارة باسم الدعوة إلى الحق والغيرة، وتارات باسم الوعي والإصلاح والنّصح، وهو ادِّعاء فاسد كما يدَّعي الفاجر بسمو أخلاقه، ومنافسة عمل الصّالحين في صلاتهم، وصيامهم، وقيامهم، وتهجدهم.
فمن يجرؤ على سرقة المال، فهو “خائن مذموم”، كمن يجرؤ على سرقة خبر هنا، أو خبر هناك، فهو -أيضًا- “خائن مذموم”!!
ومن يجرؤ على سرقة خبر هنا، أو تصريح هناك، ويستقطع منه أيَّ شيء، ويغيِّر فيه بعض الأسماء والعبارات؛ لنشره في جهازه الحكومي، أو صحيفته التي ينتمي إليها، فهو كذلك “خائن مذموم”!!
ومن يجرؤ على سرقة “كلماتٍ” “تروق له!!” وينشرها في حسابه، ولا ينسبها لأصحابها، ويجيِّرها لمصدرها، ويعْزُوها لمن هي له، فهو “خائن مذموم”!! و “كذَّاب أشر”!!.
فعلى صفحات “تويتر” كلُّنا كتُّاب، وكلُّنا من أصحاب المُثل، والمبادئ، والقيم، وبجوار هذا الوصف “سرقات تترى” يمكن كشفها بوتر صغير في بضع ثوانٍ.
وعلى صفحات “تويتر” لنا متابعون؛ ولكن إذا فتَّشت بعين الفحص والدّربة تكشَّفت لك الحقائق بلغة الأرقام، فإذا الأعداد المزعومة، “وهم على وهم”.
وعلى صفحات “تويتر”، تعلو صورة الواحد منَّا، وتحتها عبارات مطاطة محمَّلة بالدعاوى المزيَّفة، والسِّير الزَّائفة، التي سرعان ما تتهاوى عند الاحتكام والبحث عن البرهان.
فأيُّ سقط متاع بعد هذا..!!
وأيُّ استخفاف يعنُّ للعاقل قوله بعد أن تعرَّت بعض السَّوءات، وتكشَّفت العورات!!
وأيُّ موضعٍ للعجب، أمام من لا يعرف التَّفريق ما بين الألف المقصورة والياء المنقوصة..!!
إنَّ موضع السّخرة والسُّخرية، كثيرًا ما يراودني وأنا أقرأ بعضَ ما يكتبه بعضُ المغردين، قراءة مستكشف وتندُّر، لا قراءة فائدة وإثراء، فضلاً عن قراءة زاد معرفي، أو حصيلة مرتجاة، أو قراءة أسلوب تتهامس فيه الأرواح، وتتخافت فيه الأصداء ما بين إحكام التّعبير وحسن الأداء.
فمن يعرف عمله -حقَّ المعرفة- لا يضيره من يجهله!!
ومن كان لعمله قيمة مقدَّرة، أو مقدورة ما بين الناس، فلا خوف عليها من النَّقد، ولا خوف عليها -أيضًا- من كيد الكائدين، وحقد الحاقدين، ودسائس الحاسدين.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button