تحدٍ كبير تواجهه هيئة الصحفيين السعوديين، عندما أعلنت أنها ستتخذ الإجراءات التي تهدف إلى ضبط الممارسة الإعلامية وتطبيق اللوائح المنظمة للنشاط الإعلامي، وحماية المهنة من الممارسات الخاطئة التي يقوم بها بعض المتطفلين على مهنة الإعلام من السنابيين وغيرهم في وسائل التواصل الاجتماعي، والذين ينتحلون صفة “إعلامي” وهم بعيدون كل البعد عن الاعلام؛ حيث يلجؤون إلى أعمال هدفها كسب أكبر رصيد من المتابعين البسطاء لاستقطاب المعلنين.
وهو كلام رائع وجميل، ولكن هل فعلًا تستطيع هيئة الصحفيين تطبيقه على أرض الواقع ؟ خاصة في ظل الثورة المعلوماتية والرقمية التي يشهدها العالم !! فعندما يصبح الإعلام بمختلف أدواته يُدار من قبل كم هائل من المستخدمين، وتصبح صناعة الإعلام بشتى وسائله تجري على أيدي من يمتهن الإعلام كحرفة ومن لا يمتهنه، فهناك سيل عارم من المعلومات من الصعب صده ومنعه بهذه الطريقة التي هي أشبه ما يكون بالنعامة التي تضع رأسها في الرمل عندما يواجهها الخطر…
فلم يعد للإعلام أسوارًا يصعب اجتيازها، ولم تعد هذه الحرفة تختص بنخبة معينة، فكل من يمتلك رابطًا يوصله إلى الإنترنت هو إعلامي بطريقة ما – شئنا أم أبينا -، حتى أضحت مهارات التعامل مع الإعلام ضرورة للجميع في جميع التخصصات، وليس حكرًا على الإعلاميين فقط.
لقد أصبحنا في هذا الزمن، الذي أنزل الصحفي من برجه العالي وجعله شريكًا وربما أدنى منزلة من المواطن الصحفي، فهو زمن الويكيبيديا والإنترنت، وأصبحت الجهات الاعلامية تفتقد إلى أدوات الإقناع في تسويغ مشاركتهم في صناعة الإعلام.
لقد هيأ الإعلام الرقمي للجيل الجديد أدوات فاعلة ومؤثرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي للمشاركة وإبداء الرأي، وخلق ما يعرف بـ«صحافة المواطن»، إذ أصبح في يد كل مواطن (كبيرًا وصغيرًا) هاتف محمول يكتب من خلاله ويعبر وينتقد وينشر في لحظات، ففي السابق كانت الصحافة ترسل والناس تستقبل، أما اليوم فالناس ترسل وتستقبل، وباتت السرعة هي الفارق في الإعلام الجديد، كما أن القوة والتأثير أصبحتا بيد من له السبق الأول خاصة مع تزايد وصول الأفراد حول العالم إلى المعلومات ومصادرها، بشكل أكبر من أي وقت سابق، فأهمية المتابعة اللحظية للأخبار أضحت هي المتحكمة في توجيه دفة الإعلام؛ لذلك فأعتقد بأنه من الصعوبة بمكان أن يتم منع هذا الكم الهائل من البشر وبهذه الطريقة التقليدية، فالحل يكمن في ضرورة تأهيل وتدريب أصحاب المهنة الحقيقيين، وإيجاد وسائل تطويرية لوسائل الإعلام والعاملين بها تميزهم عن البقية، ومنح الصحافة درجات عالية من الحرية والتقدير، وتطوير وسائل الإعلام.
أن ما نعاني منه هو مشكلة ضعف التسويق للأمور الإيجابية على المنصات المختلفة وعدم التصدي للتحريض الذي اختلط مع الخبر والرأي، وأصبح يُقدم كمادة إعلامية للمتلقي، مقابل أن ما نحتاجه حقيقة هو ضرورة التحرك باتجاه العصر الجديد والتطوير ومواكبة الخبر اللحظي، فإن لم نملأ فراغاتها سيملأها الآخرون،
لقد تغير الزمن، ولم يعد من الممكن مراقبة العقول وصنع وتوجيه الرأي العام، فمن الأفضل التعامل مع الفكر بدلًا من فرض العقوبات، حتى نضيق الهوة الكبيرة ما بين الحقيقة والانطباع الذي يؤثر على تفكير الجماهير، مع أهمية التعاطي مع وسائل الإعلام الرقمي بشفافية ووضوح، فذلك ما يمكن أن يمهد الطريق لتوجيه الرأي العام إلى الصواب، فوسائل التواصل الاجتماعي باتت قادرة على قيادة الرأي العام.
إنّ الصحافة اليوم بحاجة إلى منافسة مفتوحة لتتطور، كما أن التقدم التكنولوجي يتصاعد باطراد مخيف، والكم الهائل المتدفق من المعلومات المقدم على الإنترنت فوق طاقة البشر، ومن الصعب، بل من المستحيل إيقاف ومنع هذه الملايين المشاركة في صناعة محتوى الفضاء المعلوماتي بكل ما يحتويه من ثقافة مخيفة وقادرة على تغيير المجتمعات بشكل جذري وفي أزمنة وجيزة، ما لم يكن من قبل بمستطاع عقود أن تفعله، فلا يجب أن توضع فوارق بين الصحفي المهني وغير المهني، ولكن على الصحفي المهني أن يثبت وجوده، ويفرض نفسه من خلال احترافيته لعمله وتطويره لذاته.
كلم سليم..ولكن من غير المعقول أن يتم السماح لكل من هب ودب أن يكتب.. فهناك من لا يفقه شئ وحتى في ابجديات الاملاء واللغه فضلا عن ان يجعل نفسه كاتبا..
كلام صحيح .. ولكن يجب وضع حد لكل من يثرثر في وسائل التواصل وهو غير مؤهل لذلك
اولا شكرا لكم ولتفاعلكم
ولكن ما أود قوله أني لم أقصد أن يتم ترك المجال مفتوح للجميع..وإنما أن يتم تأهيل وتطوير المحترفين وأصحاب المهنه في مجال الإعلام والصحافه..وعندها سيتضح الغث من السمين وسيظهر المتطفلون على حقيقتهم