دار الحديث مصادفة بيني وبين رجل أمن متقاعد مؤخرا من القطاع العسكري. وحقيقة لفت نظري بلوغه منتصف العمر وهو مازال يحمل اللياقة الصحية والبدنية المناسبتين، وهنا أتوقف وأناشد برجاء الجهات المختصة التمديد لبعض العسكريين لمدة عامين على أقل تقدير لمن ثبتت قدرته الفاعلة على مواصلة شرف العمل العسكري بعد إجراء الفحوصات الطبية المناسبة.
وعلى أي حال لم يثني التقاعد هذا الشاب على مواصلة العمل ولكن في مجال الأعمال الحرة وتحديدا رغبته في التوجه للسوق المركزي للخضار والفواكه وهنا مباشرة انطلقت تساؤلاتي تجاهه كيف ستتعامل مع العمالة الوافدة المسيطرة على السوق المحلي منذ سنوات بعيدة..؟ وكيف ستواجه شراستها في مهاجمة أي سعودي يرغب بدخول هذا المجال الهام؟ فكان رده فورا لاتخف علي فقد عملت في متجر والدي السابق قبل دخولي السلك العسكري فما كان جوابي أمام تفاؤله الجميل وحماسه المفرط إلا أن قلت: كان الله في عونك.
والتستر التجاري قضية متأصلة جدا وليس بمستغرب وجودها في المجتمع التجاري ومن واقع تجربة شخصية قديمة أرى أن هناك أسباب عديدة أدت إلى نشؤها ومنها: ابتعاد أبناء أصحاب المهن الحِرَفية للأسف عن ممارسة نشاط آبائهم إما بسبب الالتحاق بالعمل في الوظائف الحكومية، أو الإتجاه إلى مجالات أسرع في الربح وذات مجهود أقل كسوق العقار مثلا وخاصة في زمن الطفرة العقارية، كذلك من الأسباب العمالة الوافدة العاملة في السوق قديما والتي حققت مكاسب عالية جدا واتجهت فيما بعد إلى جلب أبناء جلدتهم من بلدانهم؛ للاستفادة المادية من السوق السعودي سواء في نفس المهن، أو التوجه لمهن أخرى ذات مكاسب جيدة والكفيل السعودي على الطلب من البسطاء وفي أي وقت وبمقابل مبالغ زهيدة طيلة العام ! إضافة إلى التباطؤ غير المبرر من بعض الجهات المسؤولة في المتابعة والكشف عن هذه الظاهرة السلبية، وغيرها من الأسباب.
إن من المأمول من الجهات الحكومية ذات العلاقة إذا رغبت بالفعل القضاء على ظاهرة التستر التجاري المؤسفة عليها القيام بخطوات عديدة منها :تشجيع التاجر السعودي المستجد في تقديم كل التسهيلات الممكنة وبالذات في السنة التجارية الأولى من استثناء في الرسوم إن أمكن، أو تخفيضها، وفي سرعة تنفيذ الإجراءات النظامية؛ من استخراج الرخص اللازمة والسجلات التجارية، والاستجابة السريعة للبائع السعودي فيما لو تعرض لمضايقات ظاهرة، أو خفية من العمالة الوافدة..! ، واتخاذ التداببر الاستباقية من قبل الجهات المسؤولة في الكشف عن هذه الظاهرة، مع أهمية اتباع الجانب الوقائي فيها، والتفاعل الإيجابي مع بلاغات المواطنين المختلفة خاصة في الحالات التي تشتبك فيها نسبة الشك باليقين وتحتاج إلى البحث والتدقيق. وعموما ظاهرة التستر تحتاج إلى المزيد من المجهودات الدائمة والمكثفة حتى يتم القضاء عليها تماما بإذن الله.