عهد زمني غير مسبوق، فيه الفساد يئن من الألم، ويصرخ من شدة القبضة، الفساد الذي إن حل بأرض أهلك مصالحها ومكتسباتها، وأضعف مقدراتها، وارتقى فيه المفسد على المصلح، فكان الفساد سمة الناجحين بأعين أنفسهم، وعد منقبة وممدحة.
في جميع أطراف المعمورة تعاني الإنسانية من وقع الفساد وإضراره بهم، فيضعف البلدان ويهلك الإنسان، ويبدد النور وينشر الظلام، فلا ترى بين وطأته معالمًا ولا حياة صحيحة، فالصوت المسموع دوي المتآكلين ضحايا المفسدين.
أمام كل مفسد واحد عشرات بل مئات الضحايا من البشرية، فالمكتسبات التي من شأنها أن تفيدهم ويرتقون بها يقف المفسد دونها فلا تصل إلى أحد منهم، ليتجرعون آلام أمل المفسدين الذين فرغوا عقولهم من الإنسانية وقلوبهم من الرحمة، وأنفسهم من تحمل الأمانة الموكولة لهم، والثقة الممنوحة لأشخاصهم.
وقبل ذلك كله فالمفسد خان العهد، وتجاهل ثقة المسؤول، وتجرد من إنسانيته وبشريته ليتحول إلى مخلوق يرى حقه في كل شيء أمامه، يشعر بأن الأمر بيده، ولا راد له عن أفعاله الشنيعة.
حملة موفقة تجتث الفساد والمفسدين، وتزيد الخناق عليهم، وتتبعهم في حلهم وترحالهم، وتصلهم في أعماق ما أمنوه واطمأنوا له، فيمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين.
لن يتوقف حصار الفساد ومطاردة المفسدين، فتلك نعمة امتن الله بها على هذه البلاد، يقف معها ويؤيدها كل شريف نزيه، حمل الأمانة باقتدار وقوة، وسيقف كل نزيه مع هذه الحملة المباركة، وإن كانت الحملة قطعت الطريق أمام المفسدين، وأوقفت الكثير من نزيف الفساد، فلا تزال المهمة قائمة والعمل جار، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
مدرستنا في محاربة الفساد والمفسدين ذات منهج واضح وأسلوب متميز، تدرسه الدول الساعية لتحقيق مزيد من الإنجازات والتقدم، فأول مراحل التقدم إيقاف الرجوع والتراخي، لتبدأ بعد ذلك رحلة السير إلى الأمام.
الفساد تدمير، وكما يجب إبعاد المدمرات حماية للمدخرات فذاك يعني حرب الفساد بعد محاصرته وقطع السبل دونه، ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم، والفساد نوع من الظلم، ومحاربته إقصاء للظلم والظالم وإبعاده، وإحلال مكانة أهل النزاهة والشرف.
بشرى لكل فاسد أو مفسد: لن تبرح طويلًا، فالحملة قادمة، وما أخطأك اليوم وأصاب غيرك، فسيصيبك في قادم الأيام، فالوطن بكافة مقدراته يسعى للوصول إليك وإيقاف أعمالك المشينة.
0