المتأمل في أساليب حوارات بعض أفراد المجتمع من خلال وسائل التواصل الاجتماعي؛ وخاصةً تويتر والواتساب يجد أن هناك مؤشرات خصومة لمن يغلبه شيطانه، وينتصر لنفسه مع الآخرين حتى لو كان على حساب سلامة علاقاتهم الشخصية بتعمد استخدام عبارات القدح والتجريح التي ترسخ مفاهيم عدائية بغيضة لدى المتلقي، وقد يستحضرها لاحقًا في موقفٍ ما سواءً مع ذات المصدر أو لأي طرف ثالث، وهذا للأسف مع الوقت يسهم في توسع دائرة العداوة والبغضاء، وعدم تقبل كل طرف للآخر، وبالتالي تزيد من سوء العلاقات الإنسانية للمجتمع.
ولأن ذلك الأمر المزعج أصبح واقعًا نعايشه، فالبعض اعتبروها ثقافة، ولكنها ثقافة سلبية؛ لأنهم يوظفون بعض الآيات والأحاديث النبوية والحكم والأمثال والأبيات الشعرية لتحقيق مقاصدهم، فنجدها تتصدر بروفايلات حساباتهم ومنصاتهم الشخصية ليراها الجميع، عطفًا على ضخها في مشاركتهم الحوارية أو التغريد بها بطريقة المثل العربي (إياكِ أعني واسمعي يا جارة) فلا هم لهم سوى أن تصل رسائلهم المليئة بخبث النفس المختلفة المعاني، فمنها شتم وأخرى توبيخ وغيرها انتقاص واحتقار ، وكذلك تكبر واستعلاء على الطرف المعني لمجرد أحيانًا خلافات فكرية أو عنصرية أو أي مجال من مجالات الحياة يجدون فيها أنفسهم عاجزون عن مجاراة وتحمل من يختلفون معهم.
ويزداد الأمر سوءًا عندما يتبنى طرفا الحوار ذات الثقافة المقيتة، فيصبح التراشق بطريقة غير مباشرة بينهم، ولا يتواني كل طرف منهم في استخدام ما ذكرناه آنفًا من آيات وآحاديث، وحكم وأبيات وأقوال وأمثال عربية قديمة وحديثة، وليت السوء يقف على أبوابهم .. بل يمتد أثره بالتناقل عبر بقية المتابعين الذين يرون الانتصار للنفس بهذا الأسلوب أقوى، وأفضل على خصومهم .. وتبقى تلك الثقافة السلبية سائدة تحكي واقع أليم للكثيرين الذين يُنفسون عن صراعاتهم بتلك الوسيلة الآثمة، وربما توفي البعض منهم وانتقل إلى الدار الآخرة، وبقيت مشاركاتهم شاهدة عليهم بالإثم والعدوان نسأل الله العفو والعافية لهم أحياءً وامواتًا.
ولأننا كمسلمين نتخذ من نبي الرحمة صَل الله عليه وسلم قدوةً حسنة فلابد أن نقتدي به في تعامله مع خصومه، فرغم ما واجهه عليه الصلاة والسلام من عداوة شرسة خلال مسيرة دعوته المباركة إلا أنه لم يقابل خصومه بقول سوء ينتصر فيه لنفسه، وسار على نهجه أصحابه والتابعين رضوان الله عليه والسلف الصالح رحمهم الله.
لذا أجدها فرصة ونحن نعيش هذه النهضة والتطور السريع والانفتاح على العالم أن نُغير ما بأنفسنا ونتخلق بالأخلاق الحسنة، ونرتقي بتعاملنا عند الخلاف، ونستحضر قيمتي التسامح والتغافل كما تسامح، وتغافل نبي الهدى عليه الصلاة والسلام مع أهل مكة بعد أن تمكن منهم، ونصره الله عليهم، وهم الذين آذوه، وأهالوا التراب على رأسه الشريف وهو ساجد، وحاصروه في شعب أبي طالب ثلاث سنين، حتى أكل هو ومن معه ورق الشجر، وتآمروا عليه بالقتل، وعذبوا أصحابه، وسلبوا أموالهم وديارهم.
لكنه صاحب الخُلق العظيم قابل كل الإساءات بالعفو والصفح والحلم، فقال صلى الله عليه وسلم: «يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟، قالوا: خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم، فقال صلى الله عليه وسلم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء فكانت أعظم وثيقة للتسامح أطلقها يوم فتح مكة المكرمة صلى الله عليه وسلم. ودمتم دُعاة لكل خير
لذا أجدها فرصة ونحن نعيش هذه النهضة والتطور السريع والانفتاح على العالم أن نُغير ما بأنفسنا ونتخلق بالأخلاق الحسنة، ونرتقي بتعاملنا عند الخلاف، ونستحضر قيمتي التسامح والتغافل كما تسامح، وتغافل نبي الهدى عليه الصلاة والسلام مع أهل مكة بعد أن تمكن منهم، ونصره الله عليهم، وهم الذين آذوه، وأهالوا التراب على رأسه الشريف وهو ساجد، وحاصروه في شعب أبي طالب ثلاث سنين، حتى أكل هو ومن معه ورق الشجر، وتآمروا عليه بالقتل، وعذبوا أصحابه، وسلبوا أموالهم وديارهم.