تُشرّع – على بركة الله – وزارة التّعليم اليوم (٣٠ أغسطس ) منصّاتها التّعليميّة على الشّبكة العالميّة معلنة بداية العام الدّراسي الجديد، وهي بداية مختلفة عن كل البدايات السابقة. وتجربة فريدة، حشدت لها الوزارة الكثير من التّجهيزات، والشّراكات، وحفّزت المعنويّات بعد أن أجبرتها الظّروف على التّحول من الأسلوب التّقليدي إلى التّعليم الافتراضي، وهو إنجاز يسجّل للوزارة التي تحظى بدعم كامل من القيادة الرّشيدة باعتبار المواطن هدف رؤية المملكة ٢٠٣٠ ومخرجات التّعليم أحد ضوابط نجاح هذه الرّؤية.
لقد مرّت الوزارة خلال أيام الصّيف بمخاض صعب تداخلت فيه الكثير من الأفكار، والسّيناريوهات، والبدائل، وأخيرًا استقرّت على اعتماد اُسلوب التعّليم عن بُعد، ولمدة سبعة أسابيع تراجع بعدها الوزارة خطّتها وفقًا للمعطيات الصّحيّة.
وهذه البداية الجريئة تستمد قوّتها من نجاح تجريبها في اختتام العام الدّراسي الماضي، وهي تجربة جنّبت الوزارة المصاعب التي وقعت فيها بعض الأنظمة التّربوية العالميّة واختلاط الحابل بالنّابل عندما ضرب فايروس (كورونا) العالم.
ومع تقديرنا للوزارة، وتأييدنا لخطّتها التقنيّة التّي أنقذت العام الدّراسي من الشّلل، وتقديمها سلامة أبنائنا على ماسواها، إلاّ أننا كنا نتمنى لو استمع واضعو الخطّة لآراء الأباء والأمّهات الشّريك الموثوق والعامل الحاسم قبل وضعها لدعم نجاحها وإلا تكون أحادية الاتجاه، كما أن صوت الميدان – على ما له من أهميّة – لم يُستمع له.
وعلى المدى البعيد فإن على الوزارة أن تأخذ في حساباتها بأن نجاح المؤسّسات والمنظّمات مابعد (كورونا) سيكون مرهونًا بقوة الشّراكات، والسّماع للمستهدفين بالخدمة، وتوظيف التّقنية بصورة مثاليّة.
وحتى يتكيّف طلاب وطالبات التّعليم العام – خاصة تلاميذ المرحلة الابتدائية – مع خطّة عامهم الدّراسي الجديد لابد أن تتنبّه الوزارة للعوامل السّلبية التّي تبرز عند الطّلاب والطّالبات، وقد تؤثر على نجاح سير الخطة مثل: (١) عامل السّن. (٢) عدم القدرة على التّعامل مع منصّات التّعليم عند البعض، (٣) عدم التزام المراهقين بأداء واجباتهم حال غياب الرّقيب. وهي مشاكل تحتاج أن توفّر لها الوزارة أقصى حدٍّ من الضّمانات التي تساعد على الالتزام بالحدّ الأدنى من تطبيقات النّظام الجديد، ولسد هذه الثّغرة نقترح على الوزارة استصدار أمر بالسَّماح لأحد الأبوين العاملين في القطاع الحكومي بالعمل عن بُعد خلال مدة التّعليم الافتراضي لدعم الخطّة، وهذا سيساعد كثيرًا في تجاوز هذه المعوقات الحقيقيّة (معمول به في بعض الدول).
ومما يؤخذ على الوزارة أن خطّتها الدّراسيّة جعلت جيوب الآباء نهبًا لتجّار التّقنية ما بين الأجهزة وخدمات الاتصالات استغلالًا للوضع، وكان الأحرى بوزارتنا الحكيمة استباق نشوء مثل هذه الثّغرة بعقد الشّراكات التّجارية والمجتمعيّة مع الكيانات التّجارية الكبيرة، والموثوقة في مجال التّقنية وخدماتها لتوفيرها لأبنائها الطّلاب بأنسب المواصفات وأقلها سعرًا.
نتمنى لأبنائنا الطّلاب والطّالبات وللأسرة التعليمية في بلادنا عامًا دراسيّا تكامليًّا نجاحه منوط بمستوى التّعاون بعد أن أصبح البيت شريكًا رئيسًا للنّظام التّربوي في إدارة العمليّة التّربويّة والتّعليميّة.