أحمد حلبي

“حامد مطاوع” أسد الصحافة السعودية

في بداية حياتي الصحفية، جذبتني جريدة النـدوة لعدة أسباب، كان أبرزها وجود مركزها الرئيسي في مكة المكرمة، واحتضانها لنخب من رجالات الصحافة، من أمثال: حامد مطاوع، وفوزي خياط، وعيسى خليل، وعدنان باديب ـ يرحمهم الله ـ وغيرهم.
وكان الأستاذ،  حامد مطاوع يجذبني بمقاله الأسبوعي بالصفحة الأخيرة بقلم ابن حسن؛ لكونه يتحدث عن قضايا اجتماعية بلهجة مكاوية، يطرح من خلاله مشكلة ما، ويضع لها حلًا من وجهة نظره الخاصة، وما كان يجذبني أنه لم يقل يومًا أن رأيه هو الأفضل، وهذا ما أكسبه محبة الجميع.
والأستاذ،حامد حسن مطاوع، من مواليد حي شعب علي بمكة المكرمة عام 1347 هــ، توفي والده وعمره لا يتجاوز الثلاث أعوام، فألحقه جده بحلقات المسجد الحرام؛ ليتعلم القراءة والكتابة، فحفظ القرآن الكريم، ثم جاءت خطوته التالية بالالتحاق بالمدرسة الرحمانية، وبعدها التحق بمدرسة تحضير البعثات التي تخرج منها عام 1364هـ / 1365هـ، ثم التحق بالمؤسسة العلمية للثقافة الشعبية عام 1367هـ بالمالية ليدرس علم الاقتصاد وإدارة الأعمال والشؤون المحاسبية.

من شيوخه وأساتذته الذين تتلمذ على أيديهم: الشيخ مصطفى يغمور، السيد عبد الغني المالكي، السيد أسعد المالكي، السيد أحمد فوده، السيد صالح سلامة، السيد أحمد حداوي، السيد أحمد العربي، الشيخ علي جعفر، الشيخ صالح كاشف، الشيخ لطفي صواف، الشيخ محمد بخش، الشيخ صالح بدوي، الشيخ عبد الكريم الجهيمان، الشيخ عيسى رواس ـ رحمهم الله ـ
ودوّن الأستاذ، حامد مطاوع ـ يرحمه الله ـ واحدة من ذكرياته المدرسية وقال: “ذات مرة دعاني الشيخ عيسى رواس بعد أن انتهى من حلقة الدرس، وكان يدرس عند باب الدريبة بالقرب من باب السلام الكبير فاستدعاني، وقال لي: تعال ياولد، مالي أراك تقف تارة ثم تمشي لم لا تقعد وتستفيد ؟ فقلت له أنا صغير في المدرسة لا أعي مايقال هنا. فقال اذهب إلى دكان عبد الصمد فدا – الله يرحمه – واشترِ كتابًا صغيرًا اسمه” الأجرومية في النحو ” ثم عد إلي به فقلت له: لا أملك من النقود مايمكنني من شراء “الأجرومية” ثم ذهبت إلى خالي، وقصصت عيه مادار بيني وبين عيسى رواس، فقال لي: ما الذي دفعك إلى الذهاب إلى حلقته ؟ فقلت له: والله هذا ماحصل، فما كان من خالي إلا أن ناولني ريالا وقال: اذهب واشتر الأجرومية؛ لقد كان الريال في تللك الأيام يكفي الأسرة، فذهبت واشتريت الأجرومية وعدت إلى الشيخ عيسى وأريته الكتاب، فقال: اقعد واقرأ؛ فقرأت له بعض سطور من الأجرومية وشرحها لي وقال لي: غدًا أحضر مصطحبًا دفترًا صغيرًا لتلخص فيه وتكتب مالم تستطع فهمه.

وحضرت اليوم الثاني ومعي الدفتر وقد دونت به ما لم أفهمه، ثم واصلت الجلوس في حلقته أدرس وألخص في الدفتر الذي معي إلى أن انتهيت من الأجرومية؛ عندئذٍ أمرني بشراء كتاب اسمه: ” شرح ابن الحاج على الأجرومية“، فاشتريت الكتاب، وبدأت فيه إلى أن انتهيت منه، ثم قـــال : عليك بشــراء كتاب اسمه: ” شرح ابن عقيل ” فاشتريته وواصلت الدراسة؛ وقد سببت لي الدراسة الخاصة بالمسجد الحرام موقفًا حرجًا مع الشيخ علي جعفر -يرحمه الله- الذي كان يقوم بتدريسنا مادة النحو، وفقًا لما هو مثبت في كتاب النحو الواضح، ففي الاختبار النهائي لتلك السنة ورد سؤال عويص يتضمن إعراب اسم مُحلّى بأل جاء بعد اسم إشارة، فكتبت في ظهر الورقة بيتًا من واقع حفظي من دراستي بالمسجد الحرام هو:
وإن أتاك اسم معرف بأل بعد إشارة فقل فيه بدل

وأعربت الكلمة ـ موضوع السؤال ـ على ضوء هذا البيت؛ وفي اليوم الثاني استدعاني الأستاذ جعفر باعتباره أستاذ المادة، وقال لي: لقد وُجد في ظهر ورقتك أنك كاتب.
وإن أتاك اسم معرف بأل بعد إشارة فقل فيه بدل
فمن لَقَّنك هذا الكلام ؟ فشرحت للأستاذ الحقيقة من ألفها إلى يائها. وخشيت أن يتسبب ذلك في رسوبي، لكنه طمأنني وهدأ من روعي وقال لي: استمر في دراستك هذه”.
وتقلد ـ يرحمه الله ـ عدة مناصب وظيفية، فعمل مساعدًا لرئيس شعبة بالمديرية العامة للحج بوزارة المالية سابقًا عام 1367هـ، وأمينًا لصندوق جريدة البلاد السعودية سابقًا عام 1372هـ، ثم مُحاسبًا، وموظفًا في صحيفة صوت الحجاز (البلاد) حاليًّا عام 1374هـ، ونائبًا لرئيس تحرير صحيفة الندوة عام 1383هـ ـ 1384هـ، ثم رئيسًا لتحريرها خلال الفترة من 1384هـ ــ 1406هـ .
وشغل عضوية مؤسسة مكة للطباعة والإعلام عام 1383هـ، وجمعية البر بمكة المكرمة عام 1373هـ، ومجلس كهرباء مكة المكرمة والطائف لأربع دورات إلى عام 1402هـ، والمجلس البلدي من عام 1412هـ إلى عام 1416هـ، ونادي مكة الثقافي الأدبي عام 1427هـ، ومجلس منطقة مكة المكرمة منذ عام 1414هـ.
من مؤلفاته: فيصل وأمانة التاريخ، شيء من الحصاد، المقال والمرحلة، ابن حسن (عبارة عن مقالات باللهجة العامية المكية) مخطوط.
حصل على وسام بدرجة قائد من الملك الحسن الثاني ملك المغرب.
توفي في ربيع الثاني 1431 هــ، وهو في الرابعة والثمانين من العمر، ودفن بمكة المكرمة.

Related Articles

One Comment

  1. صدقت زميلي سابقاً في صحيفة الندوة أ. احمد حلبي في كل ما ذكرته عن استاذنا الفقيد حامد مطاوع رحمه الله كنت من تلاميذه في بداياتي مع الصحافة وزرته في منزله وكان رجلاً وقوراً صاحب خُلق وأناة يتصف بالرزانة والتعامل مع من يعمل في الجريدة بأسلوب الأب للأبناء كانت مقالاته ذات نكهة خاصة ينتظرها الجميع في كل المجالات التي كان يكتب عنها حامد مطاوع والدمنهوري والدكتور عبد الرحمن العرابي وفوزي خياط ومحمد المفرجي قامات في عالم الصحافة والكتابة الاحترافية في المقالات الصحفية كانوا أعلاماً رحم الله من مات وأبقى من بقي في صحة وعافية شكراً لك أ. احمد على ما سطرته نحو هذا الرجل الذي لازال تقديره في قلوبنا حتى بعد موته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button