كشف الأديب والمستشار الإداري “ثامر عدنان شاكر” عن أن فترة الإغلاق بسبب كورونا كانت فترة مثمرة بالنسبة له، وقد استطاع خلال هذه الفترة أن ينجز كتابين اثنين وسوف يريان النور تباعًا، وأضاف أن الكتابة بالنسبة له عالم أثير يحيط به من كل مكان وفي كل الظروف. جاء ذلك في حوار مع مكة للتعرف على أبرز المحطات في حياته وأكثرها تأثيرا في مسيرته العلمية والمهنية.
١- من هو ثامر عدنان شاكر..؟
مستشارٌ إداريٌّ ورجل أعمالُ، كاتبٌ يُحاول من خلال قلمِهِ الذي يحب أن يمارس بعض خربشاته، فلربما صنع لوحةً جميلةً.. ذات معنى وقيمة.
٢- عالمان مختلفان.. إلى أيهما تشعر بالانتماء؟!
سألوني كثيرًا هذا السؤال، وأقول إنني أحب عملي، وأعشق هوايتي.. فأنا أحمل في حقيبتي حلمًا وقلمًا.. زاد الرحلة وبركتها.. بهما أعيش.
٢- أبرز ثلاث محطات في حياتك؟
كتابي الأول.. البداية في عالم المال والأعمال.. رحلة الغُربة، ثم العودة إلى أرض الوطن وبداية رحلة الكفاح.. مدينٌ لكل مرحلة من هذه المراحل، فقد صنعتني، وصقّلت كل ما فيَّ.
٤- ماهي أبرز الشخصيات التي تستحضرها في كل محطة ؟
كثر، وكم يؤسفني أننا أحيانًا نتناسى تلك الأيادي التي مهّدت أمامنا الطريق!! خلف كل ناجح قصة وأبطال كتبوا لنا السيناريو والحوار، وأخرجوا المشاهد بحُبٍ.. لولاهم ما كنّا، بل نحن نتعلم من القُبح في هذا العالم، نتعلم من الأشرار الذين مرُّوا بنا، هؤلاء السيئون الذين صادفناهم في طريقنا.. نتعلّم من إخفاقِهم؛ كي نتحاشى أن نُصبح مثلهم ذات يوم. لولاهم ما شققنا دربًا، ولما بزغ لنا نجمٌ، ولما اكتشفنا روعة المشوار.
٥- رغم خلفيّتك العلمية ومجال عملك التجاري، إلا أنك تمارس الكتابة باحترافية، وتُصنف من ضمن الكتّاب المتواجدين الأكثر حضورًا منذ سنوات. ماذا تمثل الكتابة في حياة ثامر شاكر؟
الكتابة عالمٌ آسر يُطوقك من كل صوب، يدخل في تفاصيل حياتك ولا يمنحك حريتك إلا بعد أن تمنحه كل ما فيك من وقتٍ وجهدٍ… فعلُ الكتابة كفعل الحب.. كلاهما قدر.. كلاهما سفر.. كلاهما رحلة بلا عودة نحو المجهول! أعترف، أني منذ أن أصبحت كاتبًا.. لم أبقَ وحيدًا.. أضحى كل العالم بين يديّ.. يرافقني أينما ذهبت!
وأذكر أن سألني أحدهم ذات يوم: ما السبيل كي أصبح كاتبًا محترفًا.. همست باسمًا، وأنا أتطلع إلى عينيه اللتين تشتعلان طموحًا وثورة: أن تبقى هاويًّا إلى الأبد.. تمارس الكتابة بحبٍ، وتصادقها بشغفٍ، تحترق بمتعةٍ، وأن لا تنتظر لذلك مقابلًا… تلك هي الكتابة الصادقة!
٦- ماهي علاقتك بالكتاب؟
علاقة حب، منذ الطفولة وإلى اليوم. أعيش لحظات سعادة حقيقية مع كل كتاب ينجح مؤلفه في أن يسرقني من هذا العالم، ويأخذني إلى عالمه.. أعترفُ أني قارئٌ مشاكسٌ ملول.. أُعلِّق المشنقة للكاتب الذي لا يشد وثاقي، ويعتقلني خلف ألف سورٍ، ويُغلق عليّ زنزانته العتيدة بألف قفلٍ، ويُلقى بالمفتاح بعيدًا؛ كي أبقى سجينًا حيثُ أنا مع عالمه المجنون.. الكاتب الذي يفشل في أن يصنع من كلماته قيودًا، ومن سطوره قلاعًا تجرني معه إلى الأعماق.. تُكبِّل معصمي، لا يستحق أن أفني عمري معه.. القلم الذي لا يُفجِّر البحر، ويُحرِّض الأمواج على العصيان، ولا يُثير العواصف والأعاصير، ولا يقتلعني من جذوري، ولا يزلزل الأرض تحت قدميّ، ويقلب كياني في لحظات.. قلمٌ مسالمٌ.. قلمٌ وديعٌ بلا أظافر.. لا يغني ولا يسمن من جوع! القراءة غرقٌ وتيه.. سباحة ضد التيار.. نحو المجهول، وما أقسى أن تبقى في رحلة رتيبة سمجة.. هادئة لا تقول شيئًا، لا تخبرك سرًّا، لا تلقي في جوف عقلك شرارة وتجعلك تحترق فكرًا، وتشتعل نارًا وحياةً.. القراءة متعة والكتابة تحدٍّ مذهل.. رحلة ينتصر فيها القوي على الضعيف.. فإما تغلبه أو يغلبك.. وهنيئًا ألف مرة للقارئ المهزوم !
٧- منذ عام ٢٠٠٧ وأنت في مواقع التواصل الاجتماعي، ما هو سرّ استمرار ثامر شاكر الكاتب خلال هذه المنصات، كل هذه السنوات وماذا أعطتك الكتابة؟!
الشغف والحب والإيمان بأن هناك موهبة رزقني الله إيّاها، وأن هناك رسالةً يجب أن أوصلها لكل من يقرأ لي ويتابعني منذ سنوات طويلة.. أمّا ماذا أعطتني الكتابة فأقول.. كل قُبلة، وكل وردة، وكل ابتسامة، وكل لفتة تقدير وهمسة حب.. كل إيماءة مرت من هنا، وألقت عليّ السلام…كل رسالة تحمل روح صاحبها إليّ، وتجلسهُ إلى جواري..كل شفاه تقول لي: شكرًا أنك كنت حنجرتي وصوتي.. وكنت بجواري، ولم تفارقني لسنوات.. كل هذا وأكثر.. منحني سعادةً وشعورًا غريبًا لا يضاهيه شعور!! أنا أثرى أثرياء الأرض!! القلم نعمة، أحمد الله عليها كل يوم.. الكتابة هبة، أحمد الله عليها كل وقت.. الكتابة ضياء يُنير عتمة العمر !!
٩-كيف ترى أسلوب الطرح في “تويتر” مقارنة ببداية تسجيلك في 2010؟ ما الذي تغيّر وأبرز ملاحظاتك؟
تغير جذري!! كانت البداية وردية، بسيطة، ثم تحوّل “تويتر” إلى ساحة معارك في أغلب الوقت، لم يعد مساحة للفضفضة، بل للمواجهة للأسف. هذا لا يعني أبدًا الانسحاب، بل الحرص وتحديد الهدف بوضوح من التواجد فيه، والأهم ألا نتعامل من خلاله بسذاجة وعفوية زائدة، وقد ذكرت ذلك في مقالي الأخير “فضيحة لكل مواطن”؛ حيث أتت كلماتي بمثابة صرخة:
أرجوك كُفّ عن البحث عن نسمة هواء عليلةٍ في فضاءٍ شاسع خانق، لا يرحم ولا يعرف صدق من فيه من كذبهم. لا شيءَ يستحق، لا أحدَ يستحق أن يرى ضعفك ثم يتهمك بالكذب.. فيكون قد أصابك في جرحك مرتين.. وكسرك عشرات المرات. احتفظ بمشاعرك في جُبٍّ سحيق.. لا تحوّل حياتك إلى سيرك علني فتصبح فُرجة لمن يريد أن يُسلي وقته، أو كمن نشر تفاصيل حياته في صحيفة تُوزع بالمجان على كل عابر أراد أن يتزوّد بالحكايات والنوادر … مشاعرك أثمن ألف مرة من أن ينال شرف رؤيتها أحد.
ولِّ وجهك شطر نفسك. داوِ جروحك بيديك، بعيدًا عن الأضواء الكاشفة والعيون المحملقة.
منصات التواصل الاجتماعي.. شارعٌ كبير لا أكثر، ولا أقل.. وعليك أن تحترس من وحوش السكك الضالة.
أوصد أبوابك جيدًا فلُصوص الطريق ومتسكعو الأزقة الحيارى يفتشون عن فريسة، فلا تمنح قلبك لقمة سائغة.. لكل سفاحٍ آثم!!.
١٠-كم عدد مؤلفاتك؟
عشرة مؤلفات. خلال خمسة عشر عامًا ألفت عشرة كُتب، كتبتُ ألف صفحة ومئة ألف سطر، لأقول جملة واحدة: لا حياة بلا شباب ولا مستقبلَ دونهم.. ولا وطنَ سيعيش ويبتسم إن لم يكونوا يومًا هنا.
١١- أهديت أكثر من كتاب إلى الوطن، وآخر إلى الشباب.. نلاحظ تميز كتاباتك بالحس الوطني العالي؟ حدثّنا عن ذلك.
لقد آمنت منذ زمن بعيد أننا لا نساوي شيئًا بلا وطن.. وأن عملنا حتمًا سيظل قاصرًا إن كانت نجاحاتنا فيه لا تتعدى حدود ذواتنا؛ لذا فإن أروع معاني الوطنية أن تقوم بدورك على أكمل وجه.. تنجح من أجله وتناضل من أجله، وتحلم من أجله.. أجمل معاني الوطنية وأصدقها ألا تخذل نفسك فتخذله. هذا ما حرصت أن أقوله وما زلت.
١٢- ماذا عملت في الحجر المنزلي؟
كانت فترة مثمرة، شرعت في تأليف كتابين، وسيران النور قريبًا بإذن الله. كذلك خصصت وقتًا كبيرًا لقراءة الكتب التي كانت عالقة تنتظر دورها وسط زحام المشاغل والأيام.
١٣- في كتاب القادة الجدد، والذي يُعد أكثر كتبك انتشارًا، قدمت ١٠٠ نصيحة في الإدارة الحديثة، نريد ثلاثًا منها لقرّاء “مكة”، ماذا تختار؟
اختيار صعب. خصوصًا أني حرصت من خلال هذا الكتاب تحديدًا على أن ألخص خبرة سنوات طويلة في العمل التجاري والإداري، وذلك من خلال قوالب أدبية بسيطة مختصرة تتناسب مع روح العصر وشريحة الشباب التي أستهدفها؛ لذا كانت النصيحة الأهم لكل شاب\شابة: فِر ببدنك وحُلمك من كل قائدٍ بليد، كسول، محدود العلم والعمل والخبرة، فلن يُضيف لك قيمة.. اهرب بثبات ولا تلتفت وراءك، ولا تُفكِّر مرتين. النجاح محال، والتجربة قاصرة.. والحلم موؤد في ظِلّ أمثال هؤلاء..
١٤- في كتاب “عابر حياة”، استطعت أن تناقش قضايا مختلفة، بطرح أدبي مميز، أدى إلى أن يكون أحد أكثر الكتب مبيعًا، أخبرنا عن تلك التجربة؟
أستمتع بكتابة المقال الأدبي، ورغم صعوبته إلا أني أعتبره بمثابة لوحة فنية متكاملة، ذات مضمون وقيمة، في قالب أنيق جذّاب. فأجمل النصوص تلك التي تصيبنا باللذة والمتعة داخل بحور من المعرفة.. هنا تكمن الدهشة.
١٥- لاقت مقالاتك الأخيرة، انتشارًا واسعًا وتفاعلًا كبيرًا مع المتابعين، ما السر في وجهة نظرك؟!
أعتقد أن السبب هو حرصي الشديد على الاستمرار في تقديم كل ما هو مفيد وجديد في قالب حديث يتماشى مع القارئ الشاب اليوم وسط هذا الصخب الكبير والمزعج؛ حيث أصبح لكل فرد منصة إعلامية خاصة فيه، وأصبح التعليق على كل شاردة وواردة مدعاة للسخرية ومهنة من لا مهنة له.. وكأن الجميع قد أصبحوا خبراء في السياسة والاقتصاد والفن والرياضة!! لقد حرصت ببساطة وسط هذا الضجيج القاتل أن أكمل ما بدأت منذ سنوات طويلة، سواءً من خلال مشاركاتي اليومية أو من خلال كُتبي، في تقديم رسالتي التي أؤمن بها، دون الانجراف نحو هاوية إثبات الذات أو التواجد الفارغ.. لذا في رأيي، أن القارئ الفطن اليوم بات يفضل الهروب من كل هذا الضوضاء إلى ما يفيده ويضيف له قيمة، بعد أن ملّ إسطوانة الشهرة الزائفة، وبريق الأضواء الخداعة.
١٦- ما بين عابر حياة، وصاحب السمو الحب، والقادة الجدد، برعت في المقالة الأدبية منذ سنوات عديدة، وكتبت قصائد نثرية مميزة، وأبحرت في عالم القيادة بأسلوب مختلف، ما هو جديدك؟
جديدي هو تقديم المزيد في قوالب أدبية مختلفة تليق بذائقة المتلقي الحالي، والذي أصبح يعيش في جو صاخب. حلمي أن أصل إلى الأجيال الجديدة بشكل أكبر؛ وذلك يتطلب تطورًا مستمرًا في اللغة المستخدمة، وطرح مختلف للمواضيع التي تناقش قضاياهم عن قُرب. هذه هي رسالة الكاتب الحقيقية اليوم. فالقلم الذي يظن أن هناك آخر ينافسه هو قلم فقير، مسكين!! منافس المفكر اليوم ضوضاء، وشعثاء سفر وغربة نفس وعتمة عقل. منافسه الأوحد.. الجهل !
١٧- ما هي الحكمة التي تؤمن بها؟
كتبتها في أحد نصوصي الأخيرة: على قدر تعبك ستكافئك الأيام.. لا تصدق من يقول لك عكس ذلك، لا تصدق كل هؤلاء المتباكين الشامتين، البؤساء التعساء!! فهي إن لم تعطك مالًا أعطتك جاهًا، وإن لم تعطك الجاه، وهبتك سعادة وراحة بال.. فإن لم تفعل، وهبتك محبة الناس.. وإن لم تفعل لا هذا ولا ذاك، منحتك احترام الذات!!
١٨- كلمة أخيرة لقرائك ومتابعيك.
أقول لكل شابٍ\ شابةٍ.. عِش لحلمك. تذكر جيدًا، كل حلم لا تحققه، يتحول لماردٍ صغير غاضب، يمد ذراعيه متعلقًا برقبتك.. يلومك.. يعاتبك.. يوبخك.. وإن أطلت البقاء ساكنًا.. يصفعُ وجهك.. يصرخُ في أذنك.. أيها الجبان كيف تجرؤ ؟! أحلامنا تصنعنا.. تدفعنا.. أحلامنا سر وجودنا فإياك أن تتخلى عنها !
لذلك يقضي عمره كله في غربة وتيه.. ذلك الذي لم يجعل من حلمه وطنًا!! ذلك هو حكم الأقدار العادل على كل مارقٍ عاق تخلّى يومًا عن حلمهِ..