ناصر محمد العُمري

ملتقى مكة الثقافي والتعليم عن بُعد

مدخل 🙁صُنّاع البدايات دومًا لهم شرف الوثبة الأولى مهما بدت صغيرة )

توقّع:

(ما أقوله هنا سيسخر منه المعلمون بعد ٢٠ عامًا أو أقل، وسيروننا أميين بمقاييس زمانهم)

متن الحكاية:

نحن الآن في الربع الأخير من عام ٢٠٢٠م

كأب حرصت على أن أتابع مع الأبناء رحلتهم التعليمية، ولحظات انطلاقاتها الأولى
عايشتهم، وهم يخوضون هذه التجربة الفريدة.
بكل ماحملته من رغبة وانتظار وشغف وانكسار وخيبة وأمل.

كانت رحلة البداية خليطًا من أشياء متناقضة، لكنها لم تخل أبدًا من إيجابية أن تعيش التحولات.

أن تركب سفينة تخوض غمار بحر عاصف، وتحت إملاءات رغبة ملّحة في الوصول إلى شاطئ العلم الرحب عليك أن تكون ملوءًا بقدر عالٍ من الإيجابية.

يقينًا أنه علينا أن نؤجل أحكامنا فالتجربة تحيط بها الكثير من التحديات.

وهنا لست في مقام تقييم، ولا أنا معني بإصدار حكم على تجربة وليدة بقدر ما أنا الراوي لما يشاهد بحس تاريخ لحظة تاريخية فارقة.

ومن المشاهدات الجميلة:
أن هناك روح إصرار وثَابة نلمسها وحماس كبير من قطاع التعليم ومنسوبيه تحتاج معها لجهد موازٍ في تأهيل الكوادر، ونشر ثقافة التعليم الإلكتروني، وربط الممارسة بفلسفته.

لا ضير أن أقول من خلال مشاهداتي لأكثر من حصة خلف الشاشة مع الأبناء أن التعليم عن بُعد حاليًّا لايتجاوز نقل المحتوى الورقي إلى درس خلف الشاشة وبأدوات معلم الصف السابقة ومهاراته.

وقلت لعل ماشاهدته لايشكل المجموع الكلي، فتجولت فيما
تم تسجيله عبر قناة “عين”،
ووجدت معظم من يقدمون المحتوى عبر المنصة لم يؤهلوا بشكل جيد، ولديهم نقص مهاري واضح في تقديم دروس بمواصفات تعلم إلكتروني.

لم ألحظ براعة في الحضور خلف الشاشة، لم أرَ كثافة في استخدام مُعينات ومواد ووسائط، مايعكس إما ضعف الإلمام باستخدام التطبيقات الموجهة للتعليم الإلكتروني
أو بسبب السرعة في إعداد الدروس، وتقديمها بطريقة تجعل المعلم /المعلمة مصدر المعرفة الوحيد.

هنا لايلام المعلمون فلو طلب مني تقديم الدرس
سأضطر لتقديمه بالطريقة ذاتها.

ومن أبرز مشاهداتي من رحلة البدايات:

-غياب المواد التشويقية التي تساعد على خلق جو تفاعلي وصناعة محتوى مشوق.
-فقر في الإلمام الدقيق بلغة الجسد وتوظيفها.

وبالمناسبة: شاهدت فيديو تعريفي للدكتورة دلال العباسي بجامعة دار الحكمة، كانت تملك براعة مدهشة في استخدام لغتي الإشارة والجسد.
-ربما مرد هذا لكونها أستاذًا مساعدًا في تقنيات التعليم).

أيضًا لاحظت ضعفًا في إجادة مهارات التلوين الصوتي واستخدام طبقات الصوت (قرار -جواب -وسط)، وتدني مستوى استخدام التلوين: الإيقاع -التأكيد -السكتات -الصوت المناسب عند الانتقال من فكرة إلى أخرى).

– أسلوب التدريس مابين المحاضرة والإلقاء، وقليل من العروض التي لاتتجاوز الدور الذي كانت تؤديه السلايدات والسبورة الذكية.

– ضعف في استخدام الإضاءة المناسبة، وتوظيفها لخلق جو من التأثير والدهشة البصرية.
– يبدو التعزيز شبه غائب وهناك إغفال لاستخدام الأيقونات التشجيعية للطلاب المشاركين أو حتى الاكتفاء بالحد الأدنى من المؤثرات كصوت التصفيق أو إضاءة خضراء مع الصوت ونحوها.

وهكذا كانت الحصص مثقلة بالرتابة بدلًا عن أن تكون حصصًا فيها القدر العالي من التفاعلية التي تعتمد على المشاريع والبحث ومهارات التعلم الذاتي، وتشارك المعرفة التي تشكل بيئة فعّالة ومعيارًا لنجاح التعلم الإلكتروني.

ومن الطريف إني التقيت شابًا عنده تجربة في الدراسة خارج المملكة، ودار بيننا حديث سريع حول التعليم عن بُعد.

قال لي هذا الشاب عبارة شاردة أراها توصيفًا لجزء من عمل المعلم في قادم الأيام.

قال ضاحكًا:

هذا الزمن ليس فيه (صفقوا لزميلكم)

هذا زمن الإيموجي التشجيعي والفيسات

فيما شاب آخر قال:

وزمن تشتغل فيه علامة الشير

وإذا لم يضغط الطالب على الشير بكثافة أثناء الحصة فالدرس فعاليته ضعيفة، ثم أرسل لي صورة علامة الشير.

وسيأتي زمن -قد يكون قريبًا- تكون أحد معايير تقيييم المعلم هو عدد مرات استخدام الطلاب لعلامة التشارك في الفصل الافتراضي، فكلما زاد استخدامها كان تقييمه أعلى.

ولعلي هنا في هذا الرصد السريع أتوقف عند الحملة التي أطلقها أمير مكة “⁧‫#تعلم_عن_بُعد‬⁩” ضمن فعاليات.
‏⁧‫#ملتقى_مكة_الثقافي‬⁩ ب‏تأمين 70 ألف جهاز حاسوب وشرائح‏ إنترنت لذوي الدخل المحدود من طلاب ‏وطالبات المحافظات والمراكز بالمنطقة.
وهي خطوة تثب في صالح التجربة، وتعكس اهتمام سمو الأمير خالد الفيصل، وكم نتمنى أن يتنامى مثل هذا الوعي المتقدم، وأن نرى له مثيلًا على امتداد الوطن الحبيب؛ لأننا نعد أجيال الحاضر للمستقبل.

التوقيع الأخير:
سيأتي جيل يرى أن استخدام الجوال نفسه كمن يستخدم الجمل وسيلة نقل اليوم في وسط الرياض، ولنا أن نحلم ب (زمن بلا أجهزة )؛ حيث ضغطة زر في الهواء تحت شروط معينة كافية لإجراء اتصال مرئي.

وقد يكفي في زمن ما تمرير الأصبع في الهواء بشكل رباعي؛ لتوليد شاشة هلامية تبث إليك فيلمك المفضل.

أقول: قد؛ لأن هناك ما هو مؤجل على الدوام قد يقترحه ظلال الأبيض والأسود، وتقنيات لم تُلد بعد قد تأتي عبر أطياف لا مرئية تُحيل ماتتخيله واقعًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى