المقالات

الإمارات العربية المتحدة علاقتها مع إسرائيل تحت سيادتها الوطنية

العالم يشهد تطورات يفرض عليها الواقع، ولاينكر ذلك إلا من يتجاهل عن الحقائق، وهي كالنجم الساطع، وذلك أن الحياة عمارتها تتم وفق التفاهم بين الدول والشعوب.

ومن الدول التي ضربت رقمًا قياسيًّا في التقدم السياسي، والثقافي، والاقتصادي، والاجتماعي دولة الإمارات العربية  المتحدة؛ حيث تأسست في وقت متأخر، ولكن بحسن قيادتها وتلاحم أبنائها استطاع الرئيس المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله- من عام ١٩٧٠ م أن يقود سفينة الإمارات المتكونة من سبع إمارات إلى بر الأمان.
مع البدايات الأولى لقيام دولة الإمارات كان المغفورله الشيخ زايد بن سلطان – طيب الله ثراه-مدركًا أن التحدي الأول والأكبر هو تحسين معيشة المواطنين والمقيمين من خلال توفير أساسيات المسكن الملائم الذي يتناسب مع التطور الذي تسعى الدولة لتحقيقه في مختلف المجالات، وفي هذا السياق أمر الشيخ زايد في تلك الفترة بإنشاء أحياء سكنية تتضمن بيوتا شعبية للسكان في مختلف إمارات الدولة عرفت باسم (الشعبيات).
ومن المدن العالمية شهرة في المجال التجاري دبي، وهي العاصمة التجارية للإمارات، فبدأت نهضتها العمرانية خلال فترة السبعينيات؛ لتنطلق نحو طفرتها العقارية التي مازالت متواصلة لتبهر العالم بما تقدمه من جديد في هذا المجال.

من الناحية العمرانية أثبتت دولة الإمارات وجودها حول العالم، وتألقها ببناء أطور الأبراج الموجودة في العالم برج (خليفة) الذي قارب أن يصل إلى ارتفاع ١٠٠٠ متر.

إن الإمارات بعد مامنحها المولى -عز وجل- ثروة النفط وصارت من أغنى الدول نظرت إلى غيرها في الدم والدين لدعمها، فكانت لفلسطين الحظ الأكبر في ذلك منذ صاحب الكرم والجود الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله- إلى خليفة الخير اليوم بصورة منقطعة النظير.

لا أحد ينسى الدعم غير المعلن الذي قدمته دولة الإمارات للثورة الفلسطينية التي كانت في أشد الحاجة لهذا الدعم في سنواتها الأولى في الأروقة الدولية، والمتأمل يدرك كيف كانت دولة الإمارات تقدم التسهيلات والدعم المالي لقياداتها، وإذا كانت الحياة لاتقوم إلا بالسلام ودعمه، فكان الحق للإمارات السعي لما يحقق السلام العالمي؛ ليعيش الكل في أمن وأمان.

وهذا ماوجدناه من الإمارات أن تتخذ موقفًا علنيًّا شجاعًا لإقامة علاقة سلام مع إسرائيل مؤمنة من أن الشعب الفلسطيني لابد أن يتنعم بالسلام، ولايتم ذلك إلا بالتفاهم المشترك بين الطرفين المتخاصمين.

إن حكام الإمارات خلفًا للمؤسس الشيخ زايد – رحمه الله- الذي كان من دعاة السلام نظروا إلى أن الإمارات ماوصل إليها اليوم إقليميًّا ودوليًّا من مكانة مرموقة أن تكون منفتحة مع العالم بأسره للإفادة والاستفادة لاسيما في هذا العصر الذي صار العالم في تقارب من خلال التقنية الحديثة المسمى بطرق التواصل الاجتماعي.

ورئيسها اليوم الشيخ خليفة بن زايد -حفظه الله- جعلها للإمارات في محيطها الخليجي تفتح صفحة جديدة في تاريخها مع السلام تبين للجميع أن الدول الخليجية تؤمن بالسلام على أنه هو الحل الوحيد للقضية الفلسطينية مع إسرائيل.
هي خطوة تاريخية لها أثرها في تحديث وتجديد عملية السلام، كما نص على ذلك معالي وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في ١٣ أغسطس ٢٠٢٠م عن موافقة الإمارات على تطبيع العلاقات مع إسرائيل قائلًا: (إن بلاده تريد التعامل مع التهديدات التي تواجه حل الدولتين، وتحديدًا ضم الأراضي الفلسطينية، كما حث الفلسطينيين والإسرائليين على العودة إلى طاولة المفاوضات).

الإمارات أعلنتها بشروط ومبادئ وفق سياستها الداخلية والخارجية؛ لأنها دولة تملك سيادتها، وتسير وفق مصالحها مع شعبها، بخلاف الآخرين الذين يتسترون سيرًا على الأقدام في جنح الليل إلى تلابيب.
وهذا الموقف الثابت للإمارات جعل بعض القنوات الإعلامية كقناة (الجزيرة) التي تتاجر بالدين تسيء إلى الإمارات العربية المتحدة، وليست هي فقط، بل امتدت إلى شقيقتها قلب العالم الإسلامي المملكة العربية السعودية على أن الطائرة الإسرائيلية الأولى التي أقلعت من تلابيب إلى الإمارات صباح يوم الإثنين مرت عبر أجواء المملكة العربية السعودية، فنسيت قناة التدمير والتضليل القطرية على أن سياسة القناة باتت واضحة على أنها تخفي العلاقات القطرية الإسرائلية غير المعلنة.
ولايخفى علينا دور (الجزيرة) في تأجيج نيران الفتنة والتدمير فيما له علاقة بالسعودية والإمارات لتعاونهما في محاربة التطرف والإرهاب ودعم الوسطية والاعتدال في ديننا، ومع أن السعودية تؤمن بخيار السلام، ولكنها لم تدخل في اتفاقية مع إسرائيل.
القضية قضية دولة ذات سيادة لها الحق في التصالح مع من تحب دون ضغوطات.
وإيماننا بالسلام ورسالة السلام وعلى أننا من دعاة السلام فلنقف مع كل من يدعو إلى السلام؛ لنحقق السلام الذي من أجله جاءت الأديان لحمايته وأعظمها الإسلام (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ).

———————————

إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بدرانسي شمال باريس في فرنسا

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button