أقف مشدوهًا عندما أتصفح وسائل التواصل الاجتماعي، وأطّلِع على ما تحتويه من سب وشتم لفئة معينة من نسيج المجتمع السعودي الذين لا ذنب لهم سوى أنهم استوطنوا تراب هذا الوطن الطاهر منذ مايزيد عن مائة عام، وحصلوا على الجنسية قبل أن يحصل عليها بعض أبناء البادية، واندمجوا مع النسيج الاجتماعي للدولة السعودية منذ تأسيسها وتَعَلَّموا وعَلَّموا وخدموا كغيرهم من أبناء هذا الوطن الطاهر.
والأغلبية منهم ومن أبنائهم وأحفادهم يكنون لهذا الوطن كل تقدير واحترام، ويمثلونه خير تمثيل، ويتمتعون بولاء متميز له ولقيادته الرشيدة ولم نسمع أو نرى منهم ما يعكر صفو الأمن؛ ولذلك هم أيضًا يستحقون منا كل التقدير والاحترام.
ولهذا فإنه ليس من المنطق تخوينهم أو الإساءة لهم بجريرة غيرهم من أصحاب الأهواء وعديمي الضمير وبائعي الذمم الذين لا يمثلون سوى أنفسهم، وليس لهم من الشعب السعودي العظيم سوى التحقير، والتهميش، وفضح النوايا.
ومثل هؤلاء المردة مثل غيرهم من الأبناء العاقين لوطنهم من مختلف شرائح المجتمع وطوائفه الذين أعماهم الشيطان، وأغرتهم المادة، وغرر بهم الحاقدون، لكنهم شرذمة قليلة لاتؤثر في ثبات شعب عظيم أشبه بثبات جبل طويق.
ويُفترض أن لا نُعلق تلك الأخطاء الفردية على شماعة التجنيس ونعتبرها سببًا في ذلك، فهناك مشاهير في مختلف التخصصات المفيدة ارتأت الدولة – رعاها الله- منحهم الجنسية كمكافأة لهم نظير ماقدموه من جهود ساهمت في بناء هذا الوطن، ولا غرابة في ذلك فهو حق سيادي والكثير من الدول تمنح الجنسية بشروط معينة، ووفق ماتراه يخدم مصالحها بل إن هناك دولًا تسمح بوجود جنسيتين أو ثلاث لبعض مواطنيها ومن حق الدولة سحب الجنسية من أي شخص ترى أنه غير جدير بحملها.
ختامًا:
يجب أن نحافظ على لحمتنا الوطنية ونسيجنا الاجتماعي، ونبتعد كل البعد عن التعميم، وتحميل الآخرين دون وجه حق انطلاقًا من قوله تعالى (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)؛ خصوصًا في هذه المرحلة الهامة التي نحن فيها بحاجة الى التكاتف، والتعاون، والالتفاف حول القيادة الرشيدة، وتفويت الفرصة على كل من تسول له نفسه المساس بأمن هذا الوطن أو التحريش بين مواطنيه ودمتم آمنون.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقال رائع من صاحب فكر بارع
أجاد وأفاد، وكتب وأبدع، ونسج وصنع.
شكرًا لك أبا رايد على الحس الإنساني الوطني، وعلى قلمك الذي ينزف بمداد من الود والاحترام والتقدير لكل مواطن مقيم على أرض هذه البسيطة اتباعًا لقوله تعالى :” إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ” فأين بعضنا من قول الله تعالى؟!!
كلمة (إنما) في الآية الكريمة، فهي (أداة حصر) أي أنّ الله عز وجل يخبرنا بأنه: لا أخوّة حقيقية إلا أخوّة الإيمان والإسلام، وعلاقة الأخوّة بين المؤمنين أقوى من علاقة النسب، تضعف بضعف إيمانهم، وتَقوى بقوّة هذا الإيمان!.. ويقوى الإيمان بقوّتها، ويضعف بضعفها!.. وهذا ما يجعلنا نقرّر القاعدة التالية:
[الأخوّة (في الله) والإيمان.. أمران متلازمان يؤثّر أحدهما على الآخر، فهما يضعفان معاً ويتقوّيان معاً].
أين البعض من قوله- صلى الله عليه وسلم -:
” لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى”.
وهناك الكثير من الاستشهادات من الكتاب والسنة على نبذ هذه السلبيات، والنهي الحازم عن خلق مثل هذه العداوات أو اتباعًا لبعض التقاليد والعادات التي تُفرّق بين الفرد والجماعات أو بين المجتمع الواحد والمجتمعات الأخرى.
آسف على الإطالة التي استهوتني الكتابة، وشوقني الحديث، واستطردتني الكلمات، واستمالتني العبارات؛ لهذا التعقيب على ما ذكرت، وأما أشرت إليه آنفًا.
أكرر لك جزيل شكري، وعظيم امتناني، وعاطر ثنائي، ودوام عرفاني على ما خطته أناملك البيضاء من مقالات تُحاكي لغة العصر، وتلامس بعض القضايا الاجتماعية، فالكاتب هو لسان المجتمع، والمتنفس الوحيد لهم.
بارك الله فيك، وفي علمك، وفي عملك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابنكم : تركي بن عطية المالكي.