المقالات

إعلان بالنون أم بالميم!!

يعتبر الإعلان من المفاهيم التي لا تحتاج إلى تعريف لدى عامة الناس، وشهرة الإعلان؛ وخاصة في الفترة الأخيرة التي ظهرت فيها وسائل التواصل الاجتماعي لا نزاع فيها، فالإعلان اليوم يمثل أحد المعالم الحديثة التي وسمت عصرنا الحالي، فإن كان هناك عصر للثورة الصناعية وعصر للثورة الرقمية يبدو أننا على أعتاب عصر الثورة الإعلانية.

والإعلان كما معروف يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعلوم الأخرى، ويستمد منها مادته العلمية خاصةً في علوم الإعلام والاقتصاد والاجتماع وعلم النفس والسلوك، والتقارب الحاصل اليوم بين الإعلان والإعلام تحديدًا لا يكمن فقط في “النطق”، بل هناك تداخلات وارتباطات نظرية بين المفهومين يدركهما المتخصصون في هذا المجال، ولست في هذا المقال بصدد تتبع ذلك.
ولكن ما يجدر الاهتمام به من الناحية الاقتصادية لفت النظر إلى أن الإعلان لجأ إلى وسائل الإعلام كمطية له – وأقصد بوسائل الإعلام تحديدًا هنا التلفزيون، الراديو، الصحف والمجلات- وذلك للوصول إلى الطرف الآخر في الاتصال (الجمهور)، والتقى الإعلان مع الإعلام في اتفاقهما على نفس الهدف إذ كلاهما يجريان خلف الجمهور، ودفع لأجل هذه الغاية المبالغ المالية المغرية التي سال لها لعاب وسائل الإعلام وجعلها لا تستغني عنه، بل أصبحت هذه الوسائل تتعمد إبراز أعداد قرائها وتوزيعاتها والمستمعين والمشاهدين لها ليس فقط لإبراز نجاحها في الانتشار، وإنما للفت نظر المعلنين ودعوتهم إليها.
والمادة المعروضة على وسائل الإعلام أمام الجمهور اليوم لا يمكن أن تخلو من محتوى إعلاني، بل طغى عليها لدرجة أن المتلقي أصبح يتساءل أهي وسيلة إعلامية بداخلها إعلانات أم هي إعلانات بداخلها وسيلة إعلامية.
إن تركيز الإعلان على وسائل الإعلام للدرجة التي جعلها لا يمكن أن تستغني عنه، بل أستطيع أن أبالغ بالقول إن كيانات إعلامية ضخمة قائمة على المردود من الإعلان بالمقام الأول، وقطع مردودات الإعلان عن الوسيلة الإعلامية هو قطع شريان الحياة لها وبداية انهيارها وخروجها من الساحة، يوجب عليها أن تتعامل مع هذا الوضع بحذر وعلى وسائل الإعلام أن تدرك جيدًا خطورة اعتمادها الكلي على الإعلان؛ خاصةً أن هذا الأخير همه الأول الجمهور، ولن يتردد في التخلي عن هذه المطية وركوب غيرها إذا ما اتجه الجمهور إلى أي منفذ إشباع آخر، وقد يكون هذا المنفذ لا علاقة له بالوسيلة الإعلامية.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button