المقالات

سبعون عاما

يبدو أن عام عشرين عشرين حافل بالمفاجآت ، فالصراع على أشده بين البشر والبشر ، وبين البشر والكائنات الحية من ناحية أخرى ، وليس غريبًا ولا بغريب أن نرى المتناقضات تطفو على السطح برغم ثقلها ، وحقيق بها أن تستقر في قاع النسيان ، بعد أن أصابها موج الهذيان .

والعرب كل لا يتجزأ وإن جزأتهم حدود الاستعمار ، وقضاياهم تخص الجميع وإن تفرّدت بأناس دون آخرين ، والأيام الأخيرة ومع تسارع الأحداث تكشفت عن الوجوه الحقيقية لكثير ممن ظنناهم على حق ، فسقطت الأقنعة وبانت الأشباح على حقيقتها .
والإعلام ذو وجهين ؛ بل حدين ، فهو عسل مصفى لمحبيهم ، وعلقم مرّ لمن يعارضهم ويخالفهم، وأصبح كثير من إخواننا العرب المتعلمين أداة لهو للمتنفعين ، فالدولار له دوره في تضخيم الحناجر ، وتعبئة الجيوب ، وهو حال ممن يعمل في القنوات العلنية ، أو في الخفاء ضمن المواقع الإلكترونية .

ولعل أكثر كلمة اكتسبت شهرة على محرك البحث بعد كورونا هي كلمة “تطبيع ” ، وما أدراك ما التطبيع ؟
ولعل الإشكال يكمن في تأصيل الكلمة ودلالتها اللغوية ، فهي عند كثير من العرب لها مدلولها الخاص ، وعندما يتم تداولها في الخليج ، أو من الخليجيين بالذات فهي تعني الخيانة !!!
طبعًا في نظر العرب المتنفعين من القضية إيّاها !!

والناظر للوضع في الأراضي الفلسطينية يلاحظ أشياء يندى لها الجبين ، فالخيانة موجودة ، والابتزاز باسم القضية موجود ، والعمالة باسم القضية موجودة ، والتكسب ، والكذب ، والدجل ، والشعوذة الإعلامية ، والفبركة وووووووووو
فمحمود عباس بكى في تأبين إسحاق رابين وكذلك شارون ، وأحمد قريع يملك مصنعًا للأسمنت ، الصهاينة يستوردون منه أطنانًا لبناء الجدار العنصري العازل ، والعامل الفلسطيني يعمل داخل حدود الاحتلال ، وقيادات حماس يعاقرون الشراب مع أمثالهم في تل أبيب بالليل ، وبالنهار يتبجحون بإطلاق الصواريخ على صحراء النقب ، وربما لم يبتعد أكثر من مترين فيسقط ، هذه المفارقات تبعث على التوقف قليلًا وإعادة الحسابات ، فدولة الإمارات والبحرين أقامتا سلامًا مع الصهاينة ، فأرعدت الحناجر المنطلقة، من غرف رام الله وشقق غزة ، بالتنديد والشجب وسحب السفراء ، والمضحك المبكي أن رواتب السفراء وحراسات رام الله والقطاع تدفع من الخليج وبالتحديد السعودية والإمارات وربما الكويت ، فأي سفراء وموظفين ودولة يا عباس تستحق كل هذه الزمجرة الصابونية ؟

آن الأوان لإعادة الحسابات وترتيب البيوت كما ينبغي ، فالأموال التي كانت تدفع باسم الشعب الفلسطيني سرقت ؛ بل نهبت باسم القضية ، وهاهي ابنة ياسر عرفات تهذي بالمليارات في أوروبا ، وقادة حماس حدّث ولا حرج ، فحالهم كحال حزب الشيطان الذي ينهب الدولة اللبنانية باسم المقاومة ، وكلها كذب وفبركة .
والعجيب أن قطر وتركيا تقيمان علاقة وطيدة مع الاحتلال ، ومع ذلك لم يتم سحب السفراء المؤثرين على الساحة الدولية من تلكما الدولتين !!
ولم نرَ صور تميم وأردوغان تحرق !!
فأي عالم نعيشه ؟
فنحن نحتاج إلى إعادة فلترة برمجة وتحديث لقناعاتنا .

نعم حق الشعب الفلسطيني في وجداننا منذ أن عرفنا التمييز ، ولكن الطبقة الفاسدة لن تحرر فلسطين ، وحمدًا لله أن استيقظ الخليج قبل فوات الأوان ، وفترة الاثنين وسبعين عامًا كلفتنا الكثير ، ولكن وقف النزيف أولًا ، ثم تنظيف الجرح وإخاطته مرحلة تالية .
ولعل المطالبة بإعادة الأموال المنهوبة من القيادات الفاسدة لهو مطلب شعبي .

Related Articles

2 Comments

  1. أحسنت الوصف ياد . نايف ووضعت يدك على الجرح فهؤلاء نهبوا أموال الشعب الفلسطيني من الداخل وتاجروا في قضيته لما يخدم مصالحهم واستولوا على مايأتيهم من أموال عن طريق العرب وخصوصا معونات الخليج ،وبما أن الدول الخليجية بدأت تحاسبهم غضبوا وبدأوا يعضون اليد التي كانت تطعمهم

  2. جزاك الله خيرا دكتورنا الفاضل و لا ننسى الذيول في طهران الذين باعوا قضيتهم و شعبهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button