عهدنا في الأيام الأخيرة كثرة كشف قضايا الفساد والإعلان عنها في الصحف والأخبار المحلية، ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، والتي ولله الحمد بدأت تتهاوى وتنكشف واحدة تلو الأخرى، وفي جهات ومواقع مختلفة في أجهزة الدولة؛ وذلك بفضلٍ من الله ثم بفضل جهود المخلصين من أبناء هذا البلد الذين تكاتفوا على تحقيق وإتمام ما تعهد به ولي العهد من محاربة الفساد، وكشف المفسدين في كل مكان، ومن دون أي حصانة.
وهذه الخطوة المباركة لها أبعاد إيجابية متعددة فعلى المستوى التنموي تعد هذه المبالغ تسربات من المال العام، ومن المشاريع التنموية منفقة على غير أوجهها الصحيحة، ومما لاشك فيه أن هذا الاستنزاف للأموال سيكون على حساب حرمان جوانب أخرى تنموية لها ذات الأهمية، وستظهر انحرافات مالية سلبية عن الخطط الرئيسية، وإعادة هذه الأموال إلى مصباتها المفروضة يساهم في التصحيح ومعالجة الانحرافات قبل تفاقمها، ويعيد الحياة مجددًا إلى صحة وسلامة الخطط التنموية االموضوع.
وعلى مستوى أداء الجهات الحكومية والنتائج المتوقعة منها يقمع الجو العام لمحاربة عمليات الفساد كل من تسول له نفسه التفكير في استغلال المال العام أو التحايل على النظام في أوجه غير مشروعة، وهذا وبشكل تلقائي يساهم في رفع مؤشرات الأداء من ناحية، ويساعد على ضبط إنفاق الجهة الحكومية من تلقاء نفسها من ناحية أخرى، وتتضاعف نتائجها تبعًا لذلك.
وعلى المستوى الاجتماعي يزيد كشف قضايا الفساد من تكاتف وتعاضد المجتمع في محاربة الفساد واعتباره عدوًا مشتركًا تتوحد ضده جميع أطياف المجتمع، ورفع الحصانة عن أي مفسد يزيل التخوف أو التردد من كشف قضايا الفساد، إذ إن الجو الاجتماعي العام وشعارات قمع الفساد التي يباركها الجميع هي الطاغية على الساحة.
وعلى المستوى الاقتصادي ستنعكس هذه الأرقام المليونية التي يتم الكشف عنها بآثار إيجابية على الناتج المحلي مما يقلل من الهدر في الإنفاق الحكومي ويؤدي إلى استغلال الموارد الاقتصادية الاستغلال الأمثل، وسيضفي المزيد من الاطمئنان للاستمارات الأجنبية والمحلية، والتي تعيش وتزدهر في البيئات الاقتصادية التي تحارب الفساد، وتقمعه، وهذه بدوره سينعكس على رفاهية الفرد والمجتمع.