نجح (جامع المهاجرين) بحي الخالدية٢ بمكة -شرفها الله- وبتفوق في إحياء رسالة المسجد الحقيقية في الاسلام؛ حيث تتجسد الأخوة الإسلامية، والمحبة، والإيثار، ومعظم مظاهر الأخلاق الإسلامية في جيران المسحد ورواده، حتى إن كثيرًا من سكان الأحياء القريبة منه يحرصون على الصلاة فيه رغم وجود مساجد أقرب لبيوتهم، ويمكن تلخيص أسرار هذا النجاح، وهذا الإبداع والتفوق في هذا الجامع المبارك للأسباب التالية:-
١) وجود إدارة متميزة للجامع تجمع بين فنون الإدارة، والإخلاص، والعطاء مغلفة بحب مكة حرسها الله وأهلها وزوارها، مع استشعار عظمة مجاورة البيت الحرام والأجور والمسؤولية المترتبة على ذلك.
٢) العلاقة الأخوية الكبيرة بين إمام وخطيب الجامع منذ تأسيسه(الشيخ الحقباني)، والإمام الحالي (الشيخ الريمي)؛ بالإضافة للمؤذن( الشيخ المريعاني) وبين أهل الحي وجماعة المسجد، والتفاهم والشفافية والمحبة بينهم، والتي تفتقدها بعض الجوامع.
٣) وجود إدارة خاصة ومتميزة لحلقات تحفيظ القرآن بالجامع ( ١٣ حلقة بالإضافة لحلقات للكبار والتلقين)، تحرص على الإبداع، وزرع الأخلاق الأسلامية في نفوس الطلاب.
٤) وجود مغسلة الأموات التابعة للجامع، والتي تُعد الأكبر والأبرز حاليًّا في مكة ( ٥٠ سيارة ونحو ٦٠ مغسلًا وموظفًا من الجنسين وعمل ٢٤ ساعة وتغطية لمكة وجدة والطائف ومواقع حولها)؛ مما جعل الكثير من الصلوات في الجامع لاتخلو من صلاة (ميت) بعدها، ومايترتب من الفضل العظيم لمن أدركها (أكثر من ٦٠٠٠ ميت تم غسلهم بالمغسلة العام الماضي)، وتقيم دورات في هذا المجال لعدد من المتدربين طوال العام.
٥) وجود مبنى نسائي خاص تابع للجامع (مركز المهاجرات النسائي)، وبه ندوات ودورات وبرامج لاستقبال وضيافة ضيوف الرحمن من النساء في موسم الحج.
٤) الأجواء الروحانية التي يعيشها كل من صلى في هذا الجامع المبارك، والتي يشهد بها الجميع؛ وذلك للاهتمام الكبير والإبداع في عمليات النظافة المستمرة للجامع في الفرش وجميع محتويات المسجد ودورات المياه، بالإضافة لأنظمة التبريد والإنارة والصيانة، ومواقف السيارات، مع إخلاص العاملين في هذا المجال، مما وفر الهدوء والسكينة والطمأنينة لجماعة المسجد ومرتاديه.
وأسباب أخرى لايتسع المجال لذكرها..
فالشكر والتقدير والثناء العطر والدعاء من جميع جيران وجماعة هذا الجامع المبارك (جامع المهاجرين) لكل من ساهم بقول أو فعل أو مال للوصول لهذا الإبداع والنجاح، والذي يخدم وينعكس إيجابًا على جيران المسجد ومرتاديه، ومرتادي مغسلة الاموات الذين يأتون ليس من داخل المملكة فقط، بل من كل دول العالم؛ خاصة في موسمي الحج ورمضان، ونخص بالشكر شيخنا الفاضل وأحد أبرز مؤسسي هذا الصرح الشيخ/ خالد الحقباني الذي ترجل عن الإمامة والخطابة للجامع بعد نحو ١٥ عامًا من العطاء والإبداع، وانتقل للسكن بحي آخر، وكذلك الشيخ/ ممدوح فرحان مدير عام المجمع والمشرف العام الذي يبذل كل جهده وفكره لخدمة هذا الصرح الكبير؛ بالإضافة للشيخ الفاضل/ تميم الريمي إمام وخطيب الجامع الحالي الذي جمع بين الفقه ودماثة الاخلاق والابتسامة الدائمة التي تعلو محياه، والأستاذ/ وليد مريعاني مؤذن الجامع وأحد القيادات التربوية المكية المعروفة؛ بالإضافة للشيخ /خالد باموسى مشرف حلقات تحفيظ القرآن الكريم،
والأستاذ/ عبدالرحمن التازي مدير مغسلة الأموات، وجميع القائمين على خدمة هذا الجامع، كما نشكر جماعة الجامع وأهل حي الخالدية ٢ عمومًا الذين ساهموا بتفاهمهم ومحبتهم لبعضهم البعض وعطائهم في هذا النجاح؛ بالإضافة لجهودهم السخية المبذولة لاستقبال وضيافة زوار الجامع خاصة من ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين،
وهذه دعوة للاستفادة من تجربة هذا الجامع المبارك وقصة نجاحه لتعميمها واستثمارها، وقد علمنا أن هناك وقفًا كبيرًا خاصًا بالجامع والمغسلة وجميع محتوياته يجرى الانتهاء منه، وسيكون رافدًا كبيرًا لاستمرار هذه الخدمات وهذا النجاح، وهذه فرصة لمن رغب في المساهمة في هذا الوقف الخيري، الذي يشمل كل هذه العبادات والطاعات، وفي أقدس بقاع الله تعالى، مكة شرفها الله؛ حيث تُضاعف الحسنات.
——-
*باحث في تاريخ وآداب مكة والحرم.