لا أعرف إذا كان المرابطون على ثغور الفكر يأخذون أجر المرابطين على حدود أوطانهم من الجند أم لا، ولكن الذي أعرفه أنهم لايقلون شأنًا عنهم، والمرابط بالسيف كالمرابط بالكلمة، والأعداء المتربصون بديننا وثقافتنا وجغرافيتنا؛ مرابطون على ثغور فكرنا وموروثنا ويتحينون الانقضاض علينا، وهو أمر ليس بجديد ومعروف لدى الجميع من سنين طويلة، ولكن المذهل سرعة الاختراق، ففي السابق الوسائل التقليدية بطيئة الاختراق، وكانت عبر الكتب والمنشورات والصحف وغيرها، أما اليوم فنحن نواجه اختراقًا يفوق سرعة الصوت بتقنيات قذف تفوق F35 المقاتلة، فالمنشور لا يحتاج سوى ثوانٍ، وقذف محتواه يسبب ضررًا لعدد كبير من المستهدفين ويحصد الرجال والنساء والشيوخ والعزل، ومواجهة هذا القصف الفكري لا يقتصر على وضع مرابطين على جبهات الكلمة، بل الحاجة ماسة لدعمهم بالمال، وبمراكز أبحاث متخصصة في الحروب الفكرية والإعلامية وهو أمر في غاية الأهمية، صحيح أن لدينا كل ذلك ولدينا حراس على الفكر ويقومون بواجبهم من أبناء وطننا والمناصرين لنا من الآخرين، والجهود على قدم وساق من رؤساء تحرير الصحف والمجلات، والكتاب، والمحللين في قنوات التلفزيون والمغردين على تويتر والمدافعين على اليوتيوب، ولكن الجبهات توسعت ولابد من توسيع المواجهة والتصدي للأعداء الذين يقذفون وطننا الشامخ من كل جانب، ويحاولون تفكيك جبهتنا الداخلية المتلاحمة، بعد ما استطاعوا تفكيك الجبهات الداخلية لدول مجاورة لنا، انظروا ماذا فعلت إيران في العراق واليمن، وماتفعله قناة الجزيرة القطرية مع جيرانها وعمقها العربي من سياسات تفرقة وتحريض وعداوة بينة لا تحتاج إلى توضيح، ولولا وقوف مثقفينا البواسل على جبهات الفكر، لحل بنا ما حل بغيرنا من كوارث، فليعلم الأعداء أن المرابطين على جبهاتنا الثقافية والفكرية يبذلون الغالي والنفيس في الدفاع عن وطنهم، وقد وهبنا أرواحنا فداء له، وسنظل مرابطين على مقدساته، راجين الأجر والثواب من الله تعالى كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها”، وأختتم ببعض الأبيات وفاء لوطني.
ولموطني عهد علي وذمة
وليس دون ترابه أترابا
ذاك الذي أحببته بجوارحي
وفنيت عمرا دونه وشبابا
من ذا يمس فضاءه وترابه
يلقى دمي دون الدماء حجابا