الله يعلمُ يا وطني كيف مرّ علينا هذا العام بأثقاله المُزرية وخيباتِه الممتدة وخسائره التي لا تُعوّض ، من انتشارٍ للوباء ، وحَجْرٍ للإنسان ، مروراً بانخفاض الحركة الاقتصادية ، وفَقْدِ الأحباب .. عامٌ رماديّ تفوحُ منهُ رائحةُ المُطهّراتِ ، ويسكنهُ الخوفُ والتهيُّب خلف أقنعةِ الكمّامات !.
لن ننسى يا وطني تلك الكلمة الحانية من والدنا وقائدنا وهو يصارحُنا بصعوبةِ الوَضْع وقسوتِه ، مُستنِداً على ثوابتِ الإيمانِ وقوّةِ الوَطن في مواجهة الشدائد ، ومؤكداً على أنّ صحةَ الإنسانِ وسلامته لها الأولويّة في التطلّعات والاهتمامات .. وبفضلٍ من اللهِ وتكاتُفِ الجهودِ في اتخاذِ الإجراءات الاحترازيّة المسبقة ؛ حققتْ المملكةُ مراكزَ متقدّمة في التصدي للوَباء ، والعبور بمواطنيها لبرّ الأمان .
23 سبتمبر2020 يُحتَفَى بهِ بطريقةٍ مُختلفة ؛ لأنهُ رَخاءٌ بعد شِدّة ، وفرَجٌ بعد ضِيق .. تِسعون عاماً مجدٌ وفخرٌ وزهوٌ بأرضٍ وحّدَها الآباءُ بإرادةٍ وعَطَاء ، وتعاقَبَها الأبناءُ تطويراً ورَخاءً ورؤيةً حالِمةً تُخطِّط للمستقبل وتُسيّر ركابَهُ .
نحتفي اليوم بالإنجاز الاستثنائيّ الذي تمّ في ظل أزمةِ كوفيد 19 ؛ تخليداً لجهودٍ جبّارةٍ حُقّ للأجيالِ القادِمة أن تطّلعَ عليها ، وتتشرّب دروسَها بحكمةٍ ووَعْي .. بلادي هذا العام قبل أيّ شيءٍ قالتْ : الإنسان أوّلًا ؛ فقدّمتْ الخدماتِ الصحيّة للجميع ( مواطن ومقيم ) مجّاناً ، مِن إجراءِ المَسَحاتِ الطبية للمصابِ والمُخالِط ، وُصولاً إلى العلاجِ بأحْدثِ التجهيزاتِ والمُعِدّاتِ الطبيةِ ، مع التوعيةِ والتثقيفِ عبْر القنوات المختلفة لوزارة الصحة ، والتقارير اليومية بحالات التعافي والإصابات بكل شفافية وإيضاح ، والتنويهِ الدائم على أهمية اتباع الإجراءات الوقائية كالتباعد الاجتماعي على مختلف المستويات .. وهي المسؤولية المَنُوطة بوزارة الداخلية ورجال الأمن في فرْض حَظْرِ التجوُّل الكلي و الجزئي ، وإغلاقِ المناطق وبعض المدن حسب درجة الإصابات فيها ، وإطلاق برنامج “توكلنا” الذي قدّم خدماتٍ استشارية صحية ، إضافةً لتصاريحِ التنقّل المَمْنوحة ..
ولمزيدٍ من السيْطرةِ على المرض ومنْعِ العَدْوى ؛ اتخذتْ حكومتُنا حِزْمة من الإجراءات منها : تعليق الدراسة في المؤسسات التعليمية ، واستئنافها لاحقا بمنصّات التعليم عن بعد ، مع التوسع في الخدمات الإلكترونية بكافة المؤسسات والوزارات الحكومية ، وإغلاق منافِذ الدولة بريّةً وبحريةً وجويةً ، والاقتصار في الصلاة على تبليغ الأذان دون جماعة ماعدا الحرمين الشريفين بضوابطَ خاصة ، ومنع التجمّعاتِ في أيّ صورةٍ كانتْ : مُولات تجارية ، ومطاعم إلا عبر الطلبات الخارجية ، ولتلافي أيّ ضرَر محتمل بالاقتصاد الداخلي قدّمتِ الدولةُ المليارات لدعْمِ القطاع الخاص ، وتكفلتْ بدفْعِ 60% من رواتب الموظفين والكثير من التسهيلات الجمركية تعزيزاً للشركات وحمايةً لموظّفيها ..
هذا جزء بسيط من الجهود التي قُدّمتْ وتُقَدّم نستذكرُها في أيّام الوطن واحتفالاتِه ؛ اعتزازاً بقوّةِ الوطن وجاهزيّتَهُ لتخطّي العقبات ؛ فالوطن فِعْلٌ واقتدارٌ ، والمواطنةُ ولاءاتٌ مُمْتدّة من الأجدادِ إلى الأجيالِ تحتَ رايةٍ واحدةٍ وقيادةٍ مُتكاتِفة .
ختاماً ، التجاربُ بمواقفِها وأزَمَاتِها رَصيدُ فَخْرٍ في حياةِ الأوْطان والأفراد ، يُدوَّنُ به التاريخُ ويخطّطُ لها المستقبل .. والسعودية القويّة بقداسةِ أرضِها وأصالةِ شعْبِها ؛ حقّقتْ تلك المُعادَلة وصنعتْ ذلك الفرْق !