المقالات

وطنيتي كما تعلمتها من الوطن

سأكتب اليوم ‏ال (٩٠) عن ‏وطنيتي كما أفهمها وكيفما عشتها، وبكل بساطة أنا المواطن الذي ولد يتيما فكثر بأسرته الوطنية المتعايشة ، ‏وأنا القروي  ‏الذي نشأ في قريته المجاردة الوادعة الجميلة ‏من بلاد ثقيف من نواحي الطائف، المنكفية على نفسها بين قمم جبال السراة، ‏لا تصلها السيارات ولا يصلها بالعالم مواصلات ولا إتصالات، ولا تصلها الكهرباء ولا شبكات المياه، مراكبها الدواب ‏واتصالاتها ‏الطرود البريدية يحملها السعاة على القدمين، ‏
فربطتها حكومتنا الرشيده بشبكة الطرق الحديثة إلى أصقاع الوطن الكبير.‏
وأنا المواطن الذي نشأ في قريته المحرومة من التعليم‏ والإعلام ‏إلا مدرسة قرعاوية وراديو في منزلين او ثلاثة فيلتف حوله أهل القرية لسماع الأخبار الوطنية المهمة ‏ويشغلون عنه معظم أوقاتهم بالكدح على معايشهم،
فافتتحت دولتنا المباركة بها المدارس الحكومية ‏بنين و بنات ‏، ووصلها البث الإذاعي والتلفزيوني والإنترنت، وبعد أن كانت عالما متوحدا مع ذاته، أضحت جزءً ‏عزيزاً من الجسد الوطني المترامي الأطراف، وعضوا في القرية العالمية.
‏وبعد أن كنا نعيش فيها على ما نقتات به من خشاش الأرض ونبت الزرع وحليب الضرع ،‏ ‏مطاحنها الرحى ومصادر اضاءتها القازة والفانوس، أمتن الله علينا بألوان النعم ، وأقبلت علينا الدنيا بزخرفها ‏في ظل الرخاء الذي وفرته حكومتنا الرشيده لشعبها العزيز أينما كان على خارطة وطننا الكبير .
وبعد أن تفتح سمعي على قصص شظف الحياة ‏وقلة الرزق واختلال الأمن، أبصرت عيوننا زينة الحياة وتمتعنا بسعة الرزق و‏اطمأنت النفوس بالأمن ‏والأمان بفضل الرحمن ثم بجهود مؤسس الكيان السعودي العظيم الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود، الذي ‏أقام الدولة ولم الشتات وجمع العباد ووحد البلاد ورسخ الاستقرار، على كلمة التوحيد وحكم الشريعة وميزان العدل. ‏
فهيأ الله لنا التنقل بين أقطارها وجنينا من ثمار خيراتها واستوطنا رقعة الوطن السعودي هنا وهناك ‏في حق المواطنة سواء لا تفرقنا عصبية ولا تمزقنا عنصرية ‏وقد جمع بيننا منهج الاعتدال والوسطية.
فاستثمرنا ما وفره حكامنا في تلقى العلم والكدح في ميادين الإنتاج والعمل يداً واحدة مع المواطنين العاملين في خدمة دينهم ووطنهم وملوكهم .
وقد عايشنا ملحمة تاريخية بدأت بتأسيس الكيان وبناء الدولة والحضارة يسابق بها ملوك مملكتنا السعودية المباركة  الزمان ليبلغوا بها عنان السماء ‏تطويراً ‏وتنمية وتقدماً.
فنقلونا من القرية الى المدن العالمية، ‏ومن مدرسة قرعاوية إلى مدن جامعية ومراكز بحثية ‏وعلوم فضائية، ومن حفى القدمين الى ‏السيارات والقطارات والطائرات والمراكب الفضائية ، ‏ومن بيت شعر ولبنٍ وحجر ‏إلى أبراج وناطحات سحاب، ‏وفنون من العمارة وألوان من المدنية وخدماتها العصرية شملت أقطار الوطن .
فتحول حالنا من جوع الى شبع ومن فقر الى غنى ومن جهل الى علم ومن خوف الى أمن ومن بدائية الى تطور .
واليوم ونحن نتفيأ ظل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله،  نعيش عهداً زاهرًا ‏يستمر فيه العطاء ويعلو البناء ‏وتحمى الحدود وتحفظ المكتسبات ، في مواءمة عظيمة ‏بين الثابت والمتحول، ‏والتفاعل مع العالم والقضايا الإقليمية ‏والدولية بخبرة ملك مجرب وقائد ‏حكيم وسياسي محنك، ورؤية طموحه بطموح رائدها ‏ولي العهد الأمين، نحو بناء المملكة المستقبل، وصناعة تاريخ مجيد ، في ‏ضوء تطلعات واستراتيجيات القيادة الحكيمة، التي تعمل على توظيف ‏مميزات ومعطيات الوطن ‏الجغرافية والطبيعية والدينية والثقافية والبشرية، والتمكين لقدرات الشباب وطاقات المرأة، من أجل اقتصاد متين ‏وشعب سعيد ووطن عزيز ودولة رائدة .
وستبقى المملكة العربية السعودية إن شاء الله وطن الخير والسلام على شعبها والعالم من حولها، لما قدره الله لها من المنهج القويم، والوحدة والأمن والرخاء، والتلاحم العظيم بين القيادة والشعب، ولكونها منبع الإسلام وقبلة المسلمين، وبلاد الحرمين والملوك الميامين، ‏ودولة التوحيد والتجديد، ‏واليد التي تمتد بالخير للبشرية وتزيد .

——————-

أستاذ كرسي الملك سلمان بن عبدالعزيز لدراسات تاريخ مكة المكرمة بجامعة أم القرى

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button