المقالات

نعمة الفوضى

تعتبر الفوضى من أقوى المعايير، وأولى تلك الموازين لقراءة الواقع، وتحديد مدى صوابه وصحته.
ولذلك نستطيع ومن خلال مقدار الفوضى يمكن تحديد الوصول من عدمه، بل ويمكن تحديد زمن تلك المسافة المرسومة للوصول إلى هدف ما، هذا إن كان هناك وصول.

هل تعتبر الفوضى نعمة؟
مادامت جديرة بمسح الدهشة من الفشل قبل أوانه فهي نعمة، فمع الفوضى يمكن إدراك عدم الوصول قولًا واحدًا قبل البدء.
تقتات الفوضى غالبًا على تعدد الأهداف وكثرة المسارات، وبالتالي تغيير مجريات التعبئة لتلك السبل.
فلا شك أن لكل طريق تعبئته وأدواته، ومع ذلك التعدد ستجد الفوضى بغيتها، وتنعم ببيئتها وتمارس سلطتها.
تُعرف الفوضى بأنها نظام توطين الارتباك في كل نظام تدخله، فحين تستوطن أرواحنا تكرس ذاتها كأساس في نهايات المصير، وحين تشرف على خططنا فمن الطبيعي أن تنقش بصمتها في تلك الخطط وكل تلك المشاريع.

هل تملك الفوضى حق الولوج إلينا؟
الحق أن الفوضى منظمة جدًّا في عملها، بل ويعرف عنها سلك سبيل الأبواب لا النوافذ في كل ولوج، وحين تهم بالدخول إلى عالمنا فنحن من يمنحها الحق ويسكنها حيث تريد، وتجد فينا من يمد لها يد العون ويسهل لها سبيل الاستيطان، ولعل القلب أول تلك الأيدي الممتدة.
بحكم ما يتمتع به القلب من سلطة، وما يحويه من اعتداد في أحكامه، وبحكم القطيعة الأزلية مع العقل، يجد القلب نفسه، ويقف صامدًا معاندًا؛ لتحقيق أهدافه ونادرًا ما يفشل إذا منح حق الانطلاق.
هل يمكننا إيقاف زحف الفوضى؟
نحن والفوضى في سباق فأيهم أكثر سطوة كان أحق بالبقاء وأصعب في الانتشال، ولهذا فإن قاعدة العِرقْ الأطول للعمر الأطول بيّنة في هذا الشأن، وكل ما زادت الفوضى فينا عمرًا كلما صعب الاجتثاث، وضعف الجهد وبان العيب.
أخيرًا…. الفوضى نخلقها ثم نتجرعها.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button