عندما أسمع عن أعداد جامعاتنا الحكومية، والجامعات الأهلية، وهذا الزخم من التسويق عبر منابرها الإعلامية عن منتجها، ومخرجاتها، وما أسمعه عن وجود مراكز بحثية داخل هذه الجامعات الحكومية، والأهلية أتساءل عن دورها في التأصيل الشرعي لأقسامها العلمية والإنسانية، أعرف أن جامعة الإمام محمد بن سعود لها السبق بإنشاء لجنة دائمة، وسبق أن عقدت عدة مؤتمرات بهذا الخصوص، لكن العمل في مجمله فردي عبر الدكتور مقداد يالجن وأمثاله، وهذا العمل الفردي لا يفي بالغرض حتى وأن أتى بمجهود وافر من باحث ومؤلف بقامة، ومكانة الدكتور مقداد يلجن الحاصل على جائزة الملك فيصل العالمية؛ لأنه سيطرق الأبواب وفق ثقافته وتخصصه مع شيء من الاجتهاد وهذا لايكفي.
نحتاج من جامعتنا الخروج من ثوب التقليدية، والانسلاخ عن أنانية الفردية، بتشكيل فرق بحثية تضم في عضويتها كل التخصصات، ومن ثم الشروع في التأصيل للعلوم والمعارف وفق أسس بحثية علمية دقيقة مع أهمية متخصص في علم البحث ومتخصص في علم الإحصاء مع الفرق البحثية المنتظرة من جامعاتنا النائمة في عسل العزلة عن أساسيات التأصيل والتوجيه الإسلامي للعلوم والمعارف.
تفوقت وزارة التعليم بقيادة الوزير حمد آل الشيخ على ذاتها، وقدمت هويتها التعليمية والتربوية في ظل ظروف جائحة كورونا، ونجحت في تهيئة التعليم بمراحله الثلاث، وهيأت المعلمين، والمعلمات وإن كانت الوزارة قد تعرضت لخلال البدايات بسبب تقصير هيئة الاتصالات ، لكن مجمل العمل على أرض الواقع يؤكد تفوق الوزارة، ونجاحها الباهر لأنها تؤمن أن التعليم في السنوات المقبلة، وفي أغلب دول العالم سيكون عن بُعد، وستختفي الكثير من المباني الخرسانة الضخمة للجامعات، وسيتحول التعليم الجامعي؛ وخاصة في العلوم النظرية والعلوم الإنسانية إلى التقنية عن بُعد، ولن يكون هناك مدرجات جامعية مستقبلًا، وسيكون هناك معامل ومختبرات للأقسام العلمية والتطبيقية فقط.
تستطيع وزارة التعليم فرض إيقاعها على الجامعات السعودية، وخاصة ممن تدعي وجود مراكز بحثية، تشكيل فرق بحثية للتأصيل الشرعي، وتوثيق ذلك للأجيال المقبلة، ورفع نسب حظوظ الجامعات السعودية في التصنيف العالمي؛ حيث إنها في الغالب تحتل مراكز متأخرة بسبب خلل الجوانب البحثية التي تعزز قيمة ومكانة الجامعات العالمية وتخذل جامعاتنا بسبب التقصير ولا شيء سواه…………….
ننتظر قرارًا حاسمًا من وزير التعليم، والاستفادة من الكوادر المتمكنة لدينا في جميع التخصصات لتقديم هوية جديدة ومفيدة للتأصيل والخروج من زاوية البحوث الفردية الضيقة إلى رحاب الفرق البحثية الجماعية ليس لنيل الدرجات العلمية، وإنما لتقديم المنهج الإسلامي كما يجب.