في كل عام جديد في عمر الوطن المديد، تنتعش الذاكرة، وتزدحم الذكريات؛ لتعيد في مخيلتنا رسم الحلم الجميل الذي تحول بمشيئة الله وبركته ثم بجهود القائد المؤسس والباني العظيم جلالة الملك عبد العزيز آل سعود – طيب الله ثراه – ورجاله المخلصين إلى واقع أجمل.. واقع تتجدد فيه الآمال وتعلو فيه الرايات .. وتسمو فيه الهامات إلى القمم مجدًا وفخرًا وعزة وشرفًا. ولنا أن نفرح ونسعد ونزهو بوطن مكين منحنا كل ما نتمناه وأكثر .. منحنا الأمن والأمان والعزة والكبرياء والرفاهية ورغد العيش، وفتح أمامنا أبواب العلم والمعرفة والإبداع على مصراعيها، وأنار لنا دروب التفوق والتميز والإبداع، وفتح أمامنا، أيضًا، آفاق رحبة للانطلاق نحو آفاق المستقبل الواعد الذي يليق بهذا الوطن الذي أعزه الله بأنه أرض الحرمين الشريفين ومثوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومهبط الوحي، وشرفه بخدمة الحجيج والزوار والمعتمرين، وحمله رسالة إيصال رسالة الإسلام الخالدة في الوسطية والتسامح والاعتدال إلى العالم كله.
في ذكرى اليوم الوطني الذي ننتظر إشراقته كل عام مع اليوم الأول من الميزان مطلع السنة الهجرية الشمسية الموافق 23 سبتمبر من السنة الميلادية، ما أحوجنا جميعًا، وعلى الأخص شبابنا الذين يُناط بهم صنع مستقبل الوطن وإعلاء بنيانه، والذين يشكلون الشريحة الأكبر في بنيته الاجتماعية (يشكل الشباب السعودي من الفئة العمرية ما دون 30 سنة نسبة 67 في المائة من نسيج المجتمع السعودي) – أقول ما أحوجنا في ذكرى يوم الوطن إلى العودة بالذاكرة إلى حلم القائد المؤسس، وموحد الكيان والإنسان، ومدشن الانطلاقة الكبرى نحو دولة العلم والإيمان جلالة المغفور له -بإذن الله- الملك عبد العزيز آل سعود الذي رسم من خلاله خريطة طريق شاملة لمستقبل وطن لا مثيل له بين الأوطان في قدسية ترابه وتفرد مكانه ومكانته وتميز موقعه على الخريطة الاقتصادية والجيوسياسية لعالم كان قد بدأ لتوه في التشكل من جديد. هذا الحلم الجميل الذي تحقق بحذافيره بالصبر والمثابرة، وبالعزم والحزم، وبالإرادة والإصرار، وبالعمل والتضحية، وعبر مسيرة شاقة من الأمل والألم جدير بأن نستعيده عبر قراءة الكتب التي تعني بالمسيرة السعودية وتاريخ المملكة العربية السعودية وسيرة موحد أركانها، والإصغاء إلى حكايات الآباء والأجداد الذين عاصروا هذه المسيرة المباركة بدءًا من ملحمة المصمك وحتى الإعلان عن ولادة هذا الكيان الشامخ الذي نستظل الآن برايته الخفاقة وننعم بخيراته الوافرة وعطائه المتجدد، ثم استعراض مراحل النهضة السعودية الشاملة التي بدأت مع تدشين أول خطة تنموية عام 1390هـ/ 1970م وصولًا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله.
ولابد لنا في هذا المقام أيضًا أن نشير إلى أن مهندس رؤية السعودية 2030 وواضع خطوطها العريضة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أعطى الأولوية إلى ضرورة تحقيق هدف تمكين الشباب والمرأة على حد سواء، وذلك إيمانًا منه بالدور المهم لهاتين الفئتين في بناء وتشكيل مستقبل الوطن وتحقيق طموحاته في النهوض به إلى أعلى مستويات الرقي والتقدم، مع اتخاذ القرارات والقوانين التي تدعم الجهود الهادفة؛ لدعم أجيال شبابية قادرة على تحمل المسؤولية، وإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني السعودي بعيدًا عن الاعتماد على النفط كمصدر أساس للدخل القومي من خلال تنويع مصادر الاقتصاد مع ما يتطلبه ذلك من الاستعداد والقدرة على مواجهة التحديات، حيث أصبح من الواضح أن تمكين العنصر البشري الفاعل من الأولويات التي تسهل عملية التحول المنشود. كما أنه من المفهوم ضمنًا أن زيادة التطور التكنولوجي، لا بد من أن تتصدر اهتمامات وأولويات المسؤولين وشباب الوطن على حد سواء، وذلك من خلال توفير البيئة التعليمية الملائمة والتعليم الممتاز، وربطه بمتطلبات سوق العمل لتفعيل الاستفادة من مهارات الشباب في الابتكار والتميز والإبداع.
يمنحنا اليوم الوطني الفرصة ليتخذ احتفاؤنا بهذه الذكرى العزيزة المحببة إلى نفوسنا جميعًا طابعًا يعبر عن هويتنا ووحدتنا الوطنية مصدر فخرنا واعتزازنا، وعن مدى حبنا لقيادتنا الرشيدة وولائنا لوطننا الغالي رمز العطاء والإباء .. وأن نجدد العهد في أن تظل شراكة المحبة والمسؤولية والرؤية والتلاحم بين الوطن والمواطن والقيادة شيمة السعودية .. وكل عام وأنت بخير أيها الوطن العزيز الأمين المكين ..
—————-
مديرة إدارة الصحة المدرسية بتعليم جدة سابقًا