أحد موظفي القطاع الخاص صغير السن، وحديث التعيين أتيت إلى مقر عمله، ورديت السلام عليه ولم يَرُد، فكررت ذلك ولم ينتبه حتى إنني اضطررت إلى تحريك المقعد الذي يجلس عليه !!!
كان مشدود الفكر والجسد، يحرك يديه وشفتيه وأحيانًا رجليه، ويتمتم بعبارات تشم منها رائحة الغضب، ويتعمد الصياح بدون سبب !!!
بعد عناء شديد رمقني بنظرة اعتذار مُبديًّا رغبته في إتمام الجولة الأخيرة من لعبته المفضلة غير مكترثٍ بمسؤول أو مهتم بمسؤولية !!!
لكنني فقط طلبت منه اسم اللعبة التي أشغلته والفائدة من ورائها ؟!
أجابني على عجل، وذكر لي بأنها لعبة مُسلية فيها استعراض للمهارات القتالية، ومحاكاة لقتال الشوارع اسمها ( بوبجي ) !!
هذا الموقف أذهلني، وأجبرني إلى البحث والتقصي
عن هذه اللعبة، والسبب الخفي وراء الإدمان عليها من قبل الشبان والفتيات.
وقد توصلت إلى أن اسم اللعبة هو اختصار Player Unknown’s Battle Grounds (لاعبون مجهولون في ساحة المعركة)، وتُعرف بالعربية غالبًا ببجي أو بوبجي، وهي لعبة حديثة صُدرت في اواخر 2017 وبدأت انتشارها الواسع منذ ذلك التاريخ.
وتهدف إلى إقامة محاكاة حرب بين عدة فرق مسلحة يجتمعون في منطقة معينة، ويتحصنون بالبيوت المدمرة، وينتج عن ذلك معارك متعددة يشارك فيها لاعبون من مختلف أنحاء العالم عبر الإنترنت، وفي كل مباراة ينزل 100 لاعب إلى ساحة حرب المحاكاة للواقع المملوءة بالأدوات والأسلحة، ومن ثم يقاتل بعضهم بعضًا حتى يموت الجميع وينجو شخص واحد أو فريق واحد.
ومن مميزاتها الجذابة استطاعة أي لاعب عمل فريق من أصدقائه الحقيقيين أو الوهميين للمشاركة في هذه اللعبة دون قيد أو شرط.
كما أنه باستطاعة أي لاعب من الجنسين الدخول باسم مستعار وبدون إثباتات أو قيود، ويستطيع اللاعب استخدام المحادثة الصوتية أو المكتوبة للوصول إلى المشاركين، ولكنها وللأسف لا تخلو من السب والشتم والعبارات الخادشة للحياء من بعض المشاركين.
كما أنها قد تكون وسيلة مبتذلة لعمل صداقات جانبية مشبوهة؛ لترويج الأفكار الهدامة والجرائم الأخلاقية والمعلوماتية والمخدرات؛ خاصة لدى بعض السذج والأحداث وممن لديهم فراغ عاطفي.
والجدير بالذكر أن هذه الألعاب تتطلب تركيزًا عاليًّا جدًّا لدرجة أن اللاعب يفقد الشعور بما يدور حوله ويستغرق أوقاتًا طويلة في اللعب دون الإحساس بمرور الوقت، كما يصبح لدى اللاعب رغبة شديدة في الاستمرار لما تحتوي عليه من مراحل وتشويق، تزيد من الرغبة في الاستمرار قد تدفع البعض ممن يملكون المال إلى الشراء لبعض حزم المساعدة لتطوير مهارات اللاعب في الأداء.
ولاشك أن الألعاب الإلكترونية مضيعة للوقت والمال والجهد، وأيضًا للعقل فهي منافية للتركيز الذهني ومن يلعب هذه الألعاب قد لا يستطيع قراءة صفحة واحدة من كتاب قراءة متأنية باستيعاب تام.
أما تأثيرها من الجانب الاجتماعي فيتمثل في دخول قسري للمنزل، وتواصل مع بعض أفراد العائلة؛ وخاصة صغار السن لمعرفة أسرار منازلهم بطريقة غير مباشرة مما يعني ممارسة نوع من التجسس أو الاستدراج أو التعارف غير الشرعي.
وقد تؤدي إلى ما يعرف بالتفكك الأُسري؛ خاصة إذا أدمن هذه الألعاب شخص مسؤول عن أسرة في أَمَسّ الحاجة إليه.
والغريب أنني وجدت لها رواجًا واسعًا في وسائل التواصل الاجتماعي من بيعٍ وشراء، وتسويق ادوات ومستلزمات، كما أن لها مؤيدين ومعارضين.
وأخشى ما أخشاه أن تُشغل أبناءنا وبناتنا عن المهام المناطة بهم والآمال المعلقة فيهم ثم ينتج عن ذلك التدني في مستوى الأداء فيفرح بذلك الأعداء.
وخلاصة القول إننا نطالب بالترويح عن النفس ساعة وساعة بما هو مُسلي ومفيد، وهذا يسلتزم تنظيم الوقت بما لا يتعارض مع اداء الشعائر الدينية والواجبات اليومية أو يتنافى مع ما تربينا عليه من مبادئ، وقيم، وأخلاق عالية.
والله موضوع في غاية الأهمية..بارك الله
شكرا لك أستاذ عماد كبيسي حفظك الله
نعم صدقت ابا رائد فيما تطرقت إليه وهذا ما تعاني منه معظم الأسر بل تعاني منه الأسر ليس من الأبناء بل من أرباب الأسر فالواجب التصدي لهذا الشبح المخيف ،وإتحاد وسائط التربية والمفكرون والمسؤولون . فهذا المقال الاجتماعي رائع جدا .
مرحبا يادكتور جزاك الله خير وكما تعلم التعليم ركيزة هامة في إصلاح المجتمع
فعلا هذا واقع شبابنا هذه الايام سرقت هذه اللعبه اوقاتهم وقبل ذلك عقولهم . شكرا سعادة اللواء
الشكر لله ثم لكم ياسيدي الفاضل