عبدالرحمن الأحمدي

عضو يرحل وعضو يحل ويظُل الوطن

أوامر تُعلن، وقرارات تبث، وتكليفات تَصدر: لمسؤول في مجلس، أو لعضو في إدارة عليا، أو لمدير في دائرة حكومية، وغيرها من إصدار لمهام، ولمسؤوليات في مقرات حكومية مختلفة، وفي ظل تعليمات نافذة، وتنظيمات متقنة. ويبدأ المسؤول رحلته الوظيفية ولديه الطموح الكبير في خدمة وطنه الغالي من خلال الواجبات المفترضة، وفي ظل بيئة آمنة من آفة الفساد إلى حد كبير جداً، ومن سوء العبث بمكتسبات ومقدرات الوطن. وقد ينجح المسؤول المكلف في أدائه بالشكل المطلوب، وكما خطط له من خلال رؤية واضحة، تعتمد على أهداف محددة تُراجع بدقة، وتُنفذ بإتقان عالٍ. وفي المقابل قد يفشل المسؤول في المهمة تماماً وتكون نسبة الإنجاز دون المتوقع، إما بسبب ضعف فريق العمل، أو قلة الإمكانيات، وإما لأسباب شخصية بحتة منها عدم القدرة، وأحيانا عدم الرغبة..! وعلى أية حال سيُسجل التاريخ كل التجارب الناجحة لأشخاص أفذاذ سيكونون النموذج الأمثل في الحياة العملية لكل طامح ومجتهد، كما سيُسجل التاريخ نفسه التجارب الفاشلة للفئة الأخرى.

وبلا شك تظل الذاكرة لدى كل مواطن تحتفظ بالعديد من النماذج الوطنية الإدارية الناجحة عبر العقود الماضية من خلال الأداء المتميز للمسؤول في فترة عمله، ومن خلال ما اتصف به من خوف من الله تعالى، ومن ثم الإخلاص للوطن، وحب العمل، وإنجاز المطلوب على وجه الدقة. فهذا المسؤول المسكون في الذاكرة، وقد يكون مسكون في القلب أيضاً كان يعلم بطبيعة الحال أنه أتى إلى منصبه بعد أن رحل مسؤول آخر سبقه لنفس المكان وتحديداً لنفس الكرسي، وسيكون هو بنفس ذلك الحال، وهكذا هي الحياة طالما أن الفلك يدور، والساعة لاتتوقف. فحقيقةً كل ماكان غاية المسؤول مصالح الناس ومنافعهم، مع البعد عن المهاترات، والانفعالات غير المبررة في التعامل معهم، وعن كل مايخالف آفاق توجهاتهم الاجتماعية السليمة كلما كان هذا المسؤول محل تقدير واحترام، وحديث المجالس وحتى بعد رحيله سيذكر بخير، والعكس صحيح.

إن من المؤكد أن كل مسؤول كان في أعلى الإدارة العليا، أو أدناها يدرك جيداً أنه لم يوجد إلا لخدمة المجتمع، فلولا هذا المجتمع لما وجد في منصبه، ولا جلس على كرسيه لحظةً واحدةً. وبالتأكيد أنه سيرحل يوماً طال به الزمن أو قصر. وعليه أن يُقدم أقصى مايستطيع تقديمه من خدمات تحقق تطلعات ورغبات المجتمع كافة، وتحقق منافعه، وتلبي احتياجاته. فهو بهذا العمل يكون قد أدى ماعليه من واجبات أمام الله تعالى، وأمام ولي الأمر، والناس شهود الله في أرضه.

أما إن لم يدرك ذلك المسؤول تلك المهمة الجسيمة بترك صميم عمله وتفرغ للأسف لاستفزاز المجتمع من خلال آرائه العجيبة، وتصرفاته المستغربة، ولم يكتفي بتلك التصرفات المثيرة للجدل داخل دائرته الرسمية.. ليتجه لوسائل التواصل الاجتماعي؛ لبث المزيد من التنافر، والاختلاف فإنه بالتأكيد سيذهب إلى حيث أتى؛ وسيعود إلى حيث كان، وسيُنسى ولايُذكر؛ ليظل وحيداً ويبقى الوطن شامخاً دائماً وأبداً.

Related Articles

One Comment

  1. يجب على كل مسؤول أن يبدأ من حيث انتهى الذي قبله …وان يراقب الله في عمله ولايجامل أحدا على حساب العمل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button