حينما أتت تداعيات مااقترفته أيدي رعاة البقر الدانماركيون، قبل نحو ثمان سنوات، حيث استقيظوا للذهاب إلى حقولهم لحلب أبقارهم، فلم يجدوا لاحقا من (المليار ونصف مسلم) من يشتري لهم (زبدتهم) وجميع منتجاتهم (البقرية) -رغم الجهود التي بذلوها لتدليل بقرتهم التي مافتئت تتمايل دلالا في الأرجوحة-، وتطل علينا عبر قنواتنا لنرى مدى حبهم وتدليلهم لها !
وأثبت (المليار ونصف) -أخيراً- مدى تعاطفهم، وقوة شكيمتهم، وغضبتهم الاقتصادية !
كتبت مقالا حينها بعنوان: *”يارعاة البقر: هل تعرفون نبيّا العظيم؟!”*
وانتهت حملة مقاطعة البضائع الدانماركية منذ زمن بعيد، بعيد جدا فيما أظن !، وعادت منتجاتهم لرفوف الأسواق متبخترة !، لكن الأسئلة التي مافتئت يراود المسلمين: هل انتهت حملاتهم الدنيئة ؟!
هل عادت أحقادهم ؟!، بل الأصح: هل انتهت أحقادهم ؟!
وهاهي الحملات المسيئة تعود من جديد بقيادة “ماكرون” وغيره من الماكرين !
وليت شعري لو أن المسلمين مع مقاطعتهم لتلك المنتجات، يصبحون أكثر قربا من السيرة العطرة للرسول العظيم، قراءة، واستشعارا، وتطبيقا عمليا.
وليتنا نعيد قراءة: (كان خلقه القرآن)، ونستمتع بالتجول في سيرة من قال: (أدّبني ربي فأحسن تأديبي)…
أي روعة وأي جمال وأي بهاء وأي إشراق لرجل أدّبه ربّه ؟
ليتنا نلبث مليا نستشعر قوله عليه أفضل الصلاة والسلام: (الدين المعاملة)، كلمتان جامعتان تعطينا (زبدة) هذا الدين العظيم.
ليت شعري ونحن نستحث غضبة (الملياري مسلم) ونجسدها إلى مقاطعة، نستحث معها حب المسلمين لسيدهم ومرشدهم إلى الهدى …
والحب ـأيها العقلاءـ بالإتباع لابالشعارات البرّاقة والهتافات، ورفع اللوحات !
ياسيدي يارسول الله عليك أفضل الصلاة، بأبي أنت وأمي، ليتني كنت أرى قسمات وجهك الحبيب حينما (يتهلل وكأنه مذهبة) …
وحين أغاظنا الفرنسيون وقفنا بقضّنا وقضيضنا ندافع باللسان والقلم، في الصحيفة التلفاز، وعلى صفحات الانترنت والجوال…
لكننا ماضون في غرورنا، مستشعرين أننا قد (أدّينا الواجب وأكثر) !، ونسينا أو (تناسينا) قولك الشريف: (عليكم بسنتي)… الحديث
وليت شعري، ونحن في خضمّ هذه التداعيات، نعيد قراءة: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)…
ليتنا نستشعر الحب والعطف والعدل في قوله عليه الصلاة والسلام: (استوصوا بالنساء خيرا)..
ولو أننا نتمعن أكثر في حياته الشريفه عليه الصلاة والسلام حينما كان يمر (الهلال تلو الهلال تلو الهلال، ولايجد بيت (محمد) مايأكلونه إلا الأبيضين (التمر والماء)، وهو سيّد البشر، ونحن نتقلب في نعم الله صباح مساء !
ليت بعضنا يستمتع بقراءة حديث (أم زرع) وقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضوان الله عليها في نهاية قصة أم زرع: (فأنا خير لك من أبي زرع لأم زرع) .
ليتنا نقرأ (الصفات المحمدية) لشخصه عليه الصلاة والسلام مرّات ومرّات، ونعيد قراءة (الشمائل المحمدية) كرّات وكرّات، ونقتدي بالسيرة المحمدية حتى الممات.
ليتنا ونحن نقاطع منتجاتهم نخبرهم بسيرة (أعظم إنسان)، دعوة وسلوكا وتعاملا.
تُرى كم من الفرنسيين ومن نهج نهجهم سيدخلون في (دين الله أفواجا)، لو أنا فعلنا ذلك ؟!
أيها السادة والسيدات: املأوا صفحات الانترنت (منافحة)، وأرسلوا عبر الجوال مزيدا من (الاستحثاث للمقاطعة)، لكن في ذات الوقت اقتربوا بقدر الخطوات التي تخطونها نحو المقاطعة، نحو (السيرة المحمدية)…
ومع إعادة القراءة استشعر مدى بعدك أوقربك من تلك السيرة العطرة، وقل بلسان حالك وسلوكك: إذا كنتم لاتعرفون سيرة رسولنا الكريم، فهذه سيرة من استهزأتم به…
فالأمر أكبر وأعظم وأنبل من مجرد (منتجات) لنقاطعها، لنستورد غيرها من مكان آخر ربما لايبعد كثيرا عن ذات المكان الذي قاطعناه !
إنها فرصة لإعادة حساباتنا،ولحظات لترتيب أوراقنا، ومحطات لتنقية (سِيَرَنا).
وياأيها الفرنسيون ومن سار في ركبهم: إذا وجدتم كساد منتجاتكم، فابحثوا عن السبب، ولا تبحثوا عن المشترين !
ابحثوا عن سيرة نبينا العطرة، لتدخلوا في دينه أفواجا…
حينها، وحينها فقط: ستجدون الكسب الحقيقي لكم ولمنتجاتكم، وحينها فقط ستصبح (منتجاتنا) منتجات إسلامية (مئة بالمئة)، وما ذلك على الله بعزيز.
0