عوضه الدوسي

رسالة الى أمين الباحة

سعت جهات كثيرة على مستوى المملكة الى تطلعات القيادة العليا وفقها الله ، وكذا واكبت رؤية الوطن واتخذت من برنامج التحول مسارا لها نحو منظور واسع لتحقيق الأهداف الوطنية لتنمية مستدامة، ولم تكن أمانة الباحة بعيدة عن هذا التوجه والتحول ، بل انها واكبت كل هذه الابعاد وعملت بوتيرة منتظمة وفي اتجاه افقي شمل كل المنطقة وفقاً للمتطلب والاحتياج وبتعاون جاد ومثمر مع الجهات ذات العلاقة وكذا البلديات الفرعية ، ونظرا لكون منطقة الباحة معنية لاعتبارات عديدة وقد يكون من اهملها طبيعة الأجواء وتبايناتها الجغرافية الموحية الى جانب قربها من منطقة مكة الكرمة (العاصمة المقدسة ) وهي مستهدفة في المشروع التنموي الكبير حيث تشير الخطط والدراسات الاستراتيجية ان طوال العام في الأعوام القادمة سوف يفوج أعدادٌ كبيرة من المعتمرين والحجاج الى منطقة الباحة لمن يرغب كونها تكتنز الكثير من الجوانب الثقافية والفكرية مع ملمح جغرافي جميل ، ودون أدنى شك إن هذا المرجع الحضاري والإرث التاريخي يحتاج الى آليات مختلفة وجهات متخصصة تعمل من أجل مستقبل منظور الى جانب ما تهدف اليه الرؤية الوطنية من اهداف اقتصاديه ذات جدوى نافعة على مدى بعيد ، وعلى حد علمي ان هناك جهودٌ تبذل في هذا الاتجاه ، وسمو الامير حسام يتصدر كامل المشهد وكله جذوة عطاء نسال الله له التوفيق لخدمة هذا الجزء الغالي من الوطن والدعاء موصول لكل الكوادر والطواقم الوطنية التي نذرت نفسها للوطن وإنسانه ، ومن هذا المنطلق لا اريد ان اتحدث عن الأثار والإرث الثقافي او حتى الجدوى الاقتصادية جراء هذا الاستقطاب فقد اشرت الى ذلك من خلال بعض المقالات السابقة ، وفيما يتعلق بالإرث الفكري والثقافي احسب ان الأستاذ إبراهيم الكناني قدم الكثير في هذا الجانب ولايزال يتطلع الى جهات داعمة تحرز هذا الإرث من الضياع او الاندثار فإذا ما استشرف له افق المستقبل فأنه سوف يشكل بُعدا واسعاً من حيث العمق والامتداد كونه مر بمراحل عديدة سواء كان ذلك قبل الإسلام او بعده ،وعلى سبيل المثال في اقصى الشمال الشرقي في العقيق طريق الفيل ولك ان تتخيل ماهي الأثار والنقوش التي لم تكتشف فضلا عن الرسوم والمنحوتات على قارعة الطريق ، يقابل ذلك في اقصى الشمال الغربي (دوس) حيث يوجد حصن حكيم العرب عمرو بن حممه الدوسي وحصن شيخ الرواة رضي الله عنه عبدالرحمن بن صخر الدوسي الى غير ذلك من الاثار والقلاع التي لاتزال راكزه في الوجود او متواليات عهود الدولة السعودية الى هذا العهد الزاهر حيث شكلت تلك المراحل منعطفات هامة في الانتماء للمكان والانسان ، ما يعني ان هذا البعد جدير بالاهتمام والتوثيق ولاتزال الأجيال تذكر قصص الكفاح والنضال مع الدول السعودية المتعاقبة الامر الذي خلد الكثير من الشخصيات والسجل التاريخي يحفل بذلك ، اما مضمون رسالتي لمعالي الامين فهي على شكل اقتراح وكلي امل ان يبصر النور، ولكن قبل ذلك أود ان اشير الى نقطة مهمة وهي ان صيف الباحة هذا العام توافد فيه اعدادٌ كثيرة من السياح وهذا دليل على ما تتمتع به من اجواء ومناظر خلابة الى جانب ما امتازت به من تنظيم وجودة في الاعمال التنموية وهذا ما حفزني أن أعنون لهذا المقال برسالة خاصة وادرك مدى تفاعل الأمين يحفظه الله في هذا الاتجاه ، وانطلاقا من مبدا ان الابطاء يؤجل حالة الانتفاع باي مشروع وكذا يؤخر الدور لأماكن أخرى رأيت تقديم هذا المقترح ، ونحن في منطقة الباحة وخصوصا في الأطراف أصبحت القرية أشبه ما تكون بمدينة نظرا لما حظيت به من تطور في هذا العهد الزاهر ولاتزال القرى تتنامى بشكل سريع وهناك ثورة اعمار وحركة متسارعة في التنمية ، وهذا الامتداد الافقي واتساع العمران شكل أحياء جديدة الا انها تفتقر الى لوحات تدل على مسمياتها فلا تزال مشاريع التنمية تنفذ باسم القرية القديمة مع اتساع واضح وبعد بائن في جغرافية المكان وانتشار افقي ملحوظ للعمران والطرق ، الامر الذي يبطئ من وصول مقدمي الخدمة للفئات والمنشآت المستهدفة نظرا لافتقاد العنوان الصحيح والواضح ، فاذا كان العنوان دليلاً الى ما بعده فانه بات من الضرورة العمل على هذا البرنامج كونه يشكل مبادرة حضارية لاسيما مع تزايد الهجرة العكسية ، فقد اصبح العدد السكاني في ازدياد وبشكل مستمر والعنوان الوطني بعد اقراره من مجلس الوزراء بالقرار رقم 252وتاريخ 24/7/1434هـ بات يشكل نظاماً للعنونة في المملكة ويهدف الى تحسين جودة الحياة ومن متوالياته تطوير مستوى الخدمات ، والأهم في الوقت الحالي انه سوف يساهم وبشكل مباشر في بناء الهوية المكانية اذا ما اخذنا بعين الاعتبار ملامح الجغرافيا بمسمياتها القديمة والتي تحضن العديد من الشواهد التي لاتزال ماثلة في الوجود وهذا سوف يعزز المفاهيم السياحية بأبعادها المختلفة وكلنا أمل وتطلع نحو هذا المشروع مع أمنيات كبيرة وتطلعات عريضة ان يبصر النور قريبا ويلقى القبول والتفاعل حتى من جهات أخرى ذات علاقه ، ولم يكن دافع هذا الاقتراح الا شعور بالمسئولية وحب لهذا الوطن المعطاء، وكذا واقع معاش في تعثر مقدمي الخدمة نظرا لافتقاد عنوان المكان المستهدف للخدمة، مع إدراك تام لما تقوم به الأمانة بدور ريادي للتنمية ومن منظور مؤسسي يستحق الثناء والاشادة. والى لقاء

عوضه بن علي الدوسي
ماجستير في الادب والنقد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لقد طال الحديث والاختصار كان احدى بايصال الفكره عموما هناك كنوز ثقافيه تراثيه بمنطقة الباحه لم تكتشف بعد وهذا المقال يحفز لها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى