أثارت الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي –صلى الله عليه وسلم– من أحد الكفار ردات فعل واستنكار كثير من المسلمين، وزاد ذلك الفعل الشنيع سوءًا، أن تبجح رئيس فرنسا وشجع عليه، وأراد أن يلمع وجهه أمام الناخب الفرنسي. وتباينت ردود الأفعال بين هجومية عدوانية، وبين متغافلة، واستغل بعض السياسيين الحدث لأغراض سياسية، وكان موقف المملكة العربية السعودية هو موقف السلف، الموقف الوسط.
ولنقف مع هذا الجرم وقفات:
1- لم تكن هذه الفعلة المشينة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يتعرض فيها جنابه الكريم -صلى الله عليه وسلم- لما تعرض، والتاريخ مليء بأعداء الله الذين يناصبون الأنبياء والرسل –عليهم السلام– العداوة، فمنذ مبعثه –صلى الله عليه وسلم– قام الأعداء باتهامه بالجنون والسحر والشعر وغيره، وتوالت العداوات واختلفت الوسائل، وبقي الكره والعداوة، ولا غرابة، فليس بعد الكفر ذنب.
2- كيف يتعامل المسلم مع التطاول على مقام الرسول –صلى الله عليه وسلم–؟ فإن الواجب أولًا أن لا يتناقلوا أو يرووا من ذلك شيئًا، وهذا منهج أهل السنة والجماعة ومنهج السلف. قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه–: “أميتوا الباطل بغمطه”. فلم يصلنا من هجاء وسب الكفار والمشركين لرسولنا شيء، رغم أنه وصل لنا كل صغيرة وكبيرة عنه صلى الله عليه وسلم، حتى أن ابن عمر –رضي الله عنهما– مر بطريق فخفض رأسه وقال: “مر رسول الله –صلى الله عليه وسلم– من هنا” وكان فيه شجرة فخفض رأسه، فيما نقلوا لنا مدحه والثناء عليه، مثل قصيدة أبي طالب التي منها:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
ثمال اليتامى عصمة للأرامل
3- أن من أهم وسائل الدفاع والذود عن الرسول –صلى الله عليه وسلم– هو اتباع سنته واقتفاء أثره، قولًا وعملًا، فوالله لو طبق المسلمون الدين الحق والسنة المطهرة كما كان يطبقه رسول الله –صلى الله عليه وسلم– وأصحابه؛ لدخل الناس في دين الله أفواجًا؛ لذلك على كل من يحب الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يطيعه فيما أمر، وأن يجتنب ما نهى عنه، فقد قال الإمام الشافعي -رحمه الله-:
لو كان حبك صادقًا لأطعته
إن المحب لمن يحب مطيع
4- لن يؤدي العنف والقتل والتعدي باسم الدفاع عن الرسول –صلى الله عليه وسلم– إلا إلى النفرة عن الإسلام ووصمه بالإرهاب، وإعطاء أعداء الدين ذريعة للإمعان في محاربته والتضييق على أهله، وقد تكون تلك الاعتداءات من أعداء الإسلام وينسبونها لأهله لتشويهه ومحاربته.
7- على المسلم الحق أن يتفطن لاستغلال هذه الإساءة من بعض السياسيين، سواء من المسلمين أو من غيرهم، فلا يجعلهم يستخدمونه أداة لتنفيذ مآربهم وتحقيق أهدافهم.
5- تعتبر المقاطعة الاقتصادية وسيلة من وسائل المواجهة الناجعة التي يمكن لكل مسلم أن يشارك فيها، وهي لغة يفهمها الأعداء وتؤثر فيهم.
6- هذه الهجمة كغيرها من الهجمات على الإسلام وعلى الرسول؛ ستجعل كثيرًا من أهل الغرب، وحتى الشرق من غير المسلمين، يبحثون عن هذا الدين لمعرفة أسباب التهجم عليه؛ لذا فالواجب على كل مسلم أن يساهم في تجهيز ودعم وتوصيل المعلومات الصحيحة عن هذا الدين وبكل اللغات لمن يطلبها، والحمد لله، فقد تيسر ذلك عن طريق التقنية، فهذا كفيل بأن يجعل أكثر الباحثين منهم يعتنق الإسلام لأنه دين الحق ودين العقل والعلم.
7- لماذا فرنسا الآن؟ لأنها تعيش مرحلة ضعف وانحلال، وهو ما أعجز صناع القرار هناك، إضافة إلى تنامي أعداد المسلمين بفرنسا وكثرة الداخلين في دين الله؛ ما جعل السياسيين منهم يحاولون استغلال هذه الظروف لإيقاد جذوة الكراهية وتخويف الفرنسيين وإرهابهم من خطر زوال دولتهم بالإسلام، وكذلك ليصدوا عن دين الله بتشويه الدين وتشويه الرسول الذي جاء به.
وفي الختام.. فإن الله ناصر دينه، ولكن ليكن لنا دور ومساهمة تشفع لنا يوم القيامة.
مقاله رائعه ??