المقالات

مؤشرات الإنفاق الإعلاني في السعودية بين الواقع والمأمول

تتصدر المملكة العربية السعودية اقتصاديات دول الشرق المتوسط، وتعد أكبر اقتصاد عربي حاليًّا، وقد احتلت المركز 18 بين أكبر اقتصادات في العالم، وباتت مرشحة ولله الحمد خلال الفترة المقبلة للدخول في قائمة TOP 10 ومنافسة اقتصاديات الدول المتقدمة، ولا يخفى أن حجم منظمات الأعمال والقوة المالية لها واحدة من مكونات الكيان الاقتصادي ورافد من الروافد التي لا يُستهان به في التنمية الاقتصادية، ورفع مؤشراتها، ولدينا فعليًّا علامات تجارية محلية سعودية بقيمة سوقية تُعادل ميزانيات دول “أرامكو نموذجًا”.

وفي ظل هذه القوة الاقتصادية وبيئة العمل المحفزة لتنامي حجم المبيعات، وتسارع وتيرتها تظهر أهمية الحملات الإعلانية، ويبرز دورها كمحرك أساسي يضمن استمرار التدفق الدائري بين القطاعات الاقتصادية الاستهلاكية والإنتاجية المختلفة؛ إذ تشير بعض الدراسات أن الإنفاق الإعلاني لدول العالم المتقدم تقدر بمقدار 1.5 % من الناتج المحلي، ومن هذه الحقيقة يفترض أن نتوقع أن منظمات الأعمال تعي أهمية التدفق النقدي باتجاه الحملات الإعلانية، وتدرك أنها وقود المبيعات والمساهم الأكبر في تعظيم الربحية، وتحتذي ببعض المنظمات العالمية التي تنفق فعليًّا على حملاتها الإعلانية مبالغ أكثر من تكلفة الإنتاج نفسها إيمانًا بدور تلك الحملات في قدرتها التأثيرية على السلوك، واستفزاز غريزة الشراء لدى الجمهور.
إلا أن واقع الإنفاق الإعلاني في المملكة العربية السعودية يضعنا أمام حقيقة رقمية مختلفة، فوفق الحسبة أعلاه وبمعلومية الناتج المحلي الذي وصل 793 مليار دولار في نهاية 2019 م يفترض أننا تقف على عتبة إنفاق إعلاني 11.895 مليار دولار إلا أن الرقم الفعلي وفق Ipsos العربية بلغ 1.338 مليار دولار فقط بفقد يصل تقريباً (10) مليار دولار !!!

وهنا يظهر تساؤل كبير عن أسباب هذا العزوف عن الإنفاق الإعلاني والتقتير على مخصصات الحملات الاعلانية داخل المنظمات المختلفة في المملكة العربية السعودية في الوقت الذي تجاوزت إنفاق الإعلان في دول عالمية وخليجية أخرى المملكة، رغم أنها لا تُقارن بحجم اقتصاد المملكة ولا بنتائج أعمال وربحية منظماتها، ومما يعزز أهمية هذا التساؤل ويدفع بإبراز هذه الإشكالية ما وقفت عليه بعض الدراسات المحلية أن 70% من المنظمات العاملة في المملكة تفشل فعليًّا في أول خمس سنوات لها، وتخرج من الأسواق بسبب عدم الالتفات لدعم المخصصات الإعلانية، ولعلنا بعد أن وقفنا على هذا الواقع الرقمي لحجم الحملات الإعلانية وضاق المقال على التفصيل أكثر، أن نتكلم بمشاركة قادمة عن أسباب هذا التراجع في حجم المخصصات الإعلانية وحرمانها مما ينبغي أن تكون عليه

———————-

الأستاذ المساعد في الإعلان والاتصال التسويقي

.@majedabdulmohsn

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button