المقالات

مبدء المحاماة والدفاع في المنظومة العدلية

       العدل هدفٌ سامٍ، بل هو غاية تقصد؛ لذا أهم ما يستهدفه الإسلام تحقيق العدالة والقضاء على الظلم، وأمر الله به في كتابه الكريم فقال تعالى: )إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ)، بل حث الإسلام على القيام بالعدل في جميع أحوال الإنسان، لا فرق بين حبيب وبغيض، ولا بين قريب وبعيد، ولا بين صديق وخصم، قال تعالى : (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ)، بل صرح القرآن أن سبب هلاك الأمم ضياع العدل بينهم ووقوع الظلم، قال تعالى: (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا)، ومنظومة العدالة لها ركائز تقوم عليها، ومن هذه الركائز المحامين، ولا يخفى على أحد أهمية دور المحاماة في إقرار منظومة العدالة والقيام بهذا الدور نيابة عن المتداعين، وقد أجاز الإسلام للمتداعين انتخاب المحامين، والمدافعين، والوكلاء، كي يقوموا بواجب الدفاع، والحضور بدلًا عنهم؛ خاصة إذا كانوا بحاجة إليهم ولم يستطيعوا أن يباشروا هذا الأمر بأنفسهم، أو لا يقدروا على البيان والتوضيح للدفاع عن مطالبهم، فقد أعطاهم القضاء الإسلامي كلّ الحق في انتخاب محام أو وكيل يتولى أمرهم كما أكدت هذا الحق النصوص الفقهية، فمبدأ المحاماة مبدأ إسلامي، أقره الشرع، فقد وكل النبي -صلى الله عليه وسلم- عمرو بن أمية الضمري في تزويج أم حبيبة بنت أبي سفيان. وقد أخذ النظام السعودي بهذا الحق وأقر مهنة المحاماة، ووضعت الهيئة العامة السعودية للمحامين الأسس والمعايير لمزاولة مهنة المحاماة، فعرف النظام مهنة المحاماة، بأنه يقصد بمهنة المحاماة في هذا النظام الترافع عن الغير أمام المحاكم وديوان المظالم، واللجان المشكلة بموجب الأنظمة والأوامر والقرارات لنظر القضايا الداخلة في اختصاصها، ومزاولة الاستشارات الشرعية والنظامية، ويسمى من يزاول هذه المهنة محاميًّا، وذكرت الهيئة في أحكامها العامة الدور الذي يقوم به المحامي فقالت، إن العدالة وسيادة أحكام الشرع والنظام مِن ركائز المجتمع السعودي، وتعمل المنظومة العدلية على حماية وإقامة العدل، ويؤدي المحامون فيها دورًا مركزيًّا؛ بما يُقدِّمونه من خدمات قانونية للمجتمع وموكليهم بشكل فعال، مِن خلال قواعد أخلاقية ومهنية تؤطر واجباتهم تجاه المجتمع وأصحاب المصالح المشروعة، ولمَّا كانت المحاماة مهنةً جليلة؛ لسُمُوِّ رسالتها، وجلال أثرها، كان على مَن يُزاولها أن يكون جديرًا بحمل لقب “المحامي”، فيكون مستقيمًا في سلوكه، نبيلًا في تصرفاته، حسنًا في مظهره؛ مما يُضفي الوقار والهيبة على هذه المهنة، فالمحامي شريك في تحقيق العدالة وإظهار الحق ورفع الظلم وإنصاف المظلوم.

Related Articles

One Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button