إن الثقافة ركن أساسي في حياة المجتمع، لأنها تعبّر عن حياتهم بمراحلها، والاهتمام بها من الجهود العظيمة لخدمة الإنسانية.
مع كل يوم جديد يخلع العالم ثوبه ليجدد بآخر أكثر حداثة وتطورًا، لكن هناك دولًا وشعوبًا تفشل في تغيير ثوبها القديم وتجديده بآخر يتناغم ما وصل إليه العالم من تحديث في مجالات الحياة كافة.
إن الثقافة الرقمية باتت اليوم الركن الأساس في تحقيق التطور بالمجالات المختلفة، حتى على مستوى الوظائف البسيطة، يشترط بالمتقدم لها أن يكون قد أتقن اللغة الرقمية والتعامل في مختلف الجوانب.
إن التعليم بمراحله المختلفة انتقل من أسلوب (القلم والورقة) إلى أسلوب محدث يتوافق مع ما يحصل اليوم من تطورات هائلة، فشاشة الحاسوب والكمبيوتر وإتقان أنظمة الكمبيوتر المختلفة، صارت ترافق الجميع، الطلبة أو الموظفين وحتى عامة الناس.
ولقد تم نشر خبر قبل عشر سنوات على أن اليابان احتفلت بالقضاء على الأمية الإلكترونية، إذ لم يعد لديها مواطن ياباني واحد لايحسن التعامل مع العالم الرقمي وأدواته، بمن فيهم الأطفال اليابانيين.
ومما تتميز به الوسائل الإلكترونية التي تتيح هذه الثقافة، بساطة الاستعمال، وسرعة التعلم، فحتى طالب الإبتدائية، ما أن يدخل العالم الرقمي حتى يبدأ بالتعليم السريع، لدرجة أن كثيرًا من الآباء يستعينون بأبنائهم الصغار كي يعرفوا هذا اللغز أو ذاك، لذلك باتت الثقافة الرقمية تشكل ثقافة عصر كامل، هو عصرنا الحالي، لدرجة أن الحياة أصبحت في غاية الصعوبة بغياب التعامل المستمر مع العالم الرقمي على مستوى الأفراد والجماعات.
وإذا كان اختيار مهبط الوحي ومنبع الرسالة مكة المكرمة أن يكون شعار ملتقى الثقافي لهذا العام (كيف نكون قدوة في العالم الرقمي) هذا المشروع العظيم يقدم رسالة واضحة للجميع على أن مكة منها انطلقت رسالة العلم والمعرفة التي عمت العالم بأسره، واليوم تتشرف بخدمتها قيادة عظيمة ذات استراتيجية بعيدة المدى في سرعة التعامل مع المستجدات العالمية، وما يحدث للعالم من تطورات لخدمة الإنسان ليعيش مع غيره بأسهل طريق.
المملكة العربية السعودية حرصت بقيادتها في مجال التعليم فكثرت فيها الجامعات بالتخصصات المختلفة فاستطاعت أن تضرب رقمًا قياسيًّا في التقدم الثقافي. ويتجلى ذلك في التعامل مع العالم الرقمي في قطاعات متنوعة، ومنها:
١- تيسير وتسهيل العمل الدعوي الإسلامي وأعظم تيسير خدمة القرآن الكريم في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة؛ وذلك بالانتهاء من تطبيق مصحف المدينة النبوية للنشر الحاسوبي على منصة ماك.
٢ – وفي مجال التأشيرات قدمت المملكة تسهيلات للقادمين اليها سواء للحج أو العمرة أو الزيارة بالتأشيرة الإلكترونية على عين المكان في جميع مطارات المملكة كل ذلك مع العالم الرقمي.
٣- وبعد جائحة كورونا التي ضربت العالم، وكان للملكة نصيب استطاعت مواجهتها باستحداث التطبيقات الإلكترونية للتعامل معها لاتباع الإرشادات والتوجيهات الصحية من الجهات المعنية؛ فكان لها أثر إيجابي.
وها نحن اليوم نجد حركة التعليم مستمرة؛ وذلك بالدراسة عن بُعد على الحاسوب كل ذلك مما يدل على أن المملكة العربية السعودية في تقدم وازدهار مع العالم الرقمي وفق توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله.
—————————————-
إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بمدينة درانسي شمال باريس في فرنسا