د. عبدالله العساف

من .. ومتى .. وكيف.. ولماذا؟

قال صاحبي: القرار الأممي 2216 يحظر توريد، أو تهريب السلاح وإرسال الخبراء لمليشيا الحوثي، ومع قيام التحالف العربي بالقضاء على ترسانة الأسلحة التي بيد هذه الزمرة الإرهابية، إلا أنها تمتلك أسلحة نوعية، وحديثة، لم تكن ضمن تشكيلات الجيش اليمني التي سطت عليها هذه المليشيا، فكيف وصلت هذه الأسلحة المتطورة إلى يد الحوثي، من يوردها، وينقلها، ويُعيد تجميعها ويبرمجها، ويحدد مسارها، وأهدافها ثم يرسلها؟!، من يجرؤ على مخالفة مجلس الأمن؟ الذي يمتلك صلاحيات عقابية واسعة على من يعصي أوامره!!
تساؤلات سهلة في مبناها، لكنها عميقة في معناها، قفزت إلى ذهني مباشرة وفور الإعلان عن تعرض محطة أرامكو في مدينة جدة لاعتداء إرهابي بيد الحوثيين، وهنا تبادر إلى ذهني ما القوة العظمى التي تقف خلف الحوثي، وتسانده وتتمرد على مجلس الأمن المخيف جدًّا ؟ الجواب أعقد مما نتصوره، فالجميع يعلم أن السلاح المستخدم إيراني الصنع، والأوامر صُدرت من طهران، بتجهيز الصواريخ، والمسيرات البحرية والجوية، وتوجيهها وبرمجتها نحو منشأة اقتصادية تساهم في تحقيق أمن الطاقة العالمي، والجميع يدرك أيضًا أن ما سبق تم على يد خبراء من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، وتمت اللمسة النهائية بيد حوثي مبرمج عقديًّا، وهذا لا يقلل من إرهاب الحوثي الذي أعلن عن تبنيه هذا العمل المخالف لقواعد القانون الدولي الإنساني، وقواعده العرفية، وربما يرتقي لجرائم الحرب.
هذا العمل الإرهابي يثبت للعالم مجددًا وخصوصًا أولئك الذين يرون في الحوثي حمامة سلام ويغضون الطرف عن تجاوزاته للقوانين مع الداخل اليمني والعالم الخارجي!! أنه لا يبحث عن السلام، ولا يمكن أن يكون طرفًا فيه، وأنه مجرد أداة تخريبية بيد ملالي طهران، تستخدمهم كواجهة لتحقيق مشروعها التدميري في منطقة حيوية تهم العالم، الذي أجمع على جعل الممرات والمضائق المائية آمنة، كما نصت عليه اتفاقية الأمم المتحدة لعام1982، وهذه الاعتداءات المتكررة على مضيق باب المندب، وناقلات النفط فيه، وزراعة العبوات البحرية، وإرسال الزوارق المفخخة، تتطلب عملاء أمميًّا عاجلًا، أبسطة تصنيف الحوثي مليشيا إرهابية محظورة؛ تحقيقًا لمطالب اليمنيين، وحفظًا للأمن الإقليمي والعالمي.
أعود لمن يقف خلف هذا العمل الإرهابي، لا حاجة للقول إنه نظام خميني الإرهابي وأذنابه، ولكني الجميع قد لا يدرك دلات التوقيت، والرسائل الضمنية التي يريد هذا النظام إيصالها للعالم، فالتوقيت يأتي بعد نجاح الرياض في عقد قمم العشرين، ومحاولة مشاغبتها، وتعكير فرحة الإنجاز الذي حاز على الثناء والتقدير العالمي، كما يأتي قريبًا من صعود إدارة أمريكية جديدة، تودع فيها طهران ترامب، وتستقبل بايدن، مكررة ذات التجربة عام 1981، مع سلفه كارتر عندما احتجزت الرهائن الأمريكيين لمدة 444 يومًا حتى تسلم ريغان رئاسة أمريكا! كما أنها تريد إعادة تموضعها في المنطقة بما ينسجم مع سياسة واشنطن القادمة كما تأمل طهران، والأهم إعلام العالم بأن مخالبها تعمل بكفاءة تامة، وقادرة على إلحاق الضرر في العالم، وقيادته إلى حافة الهاوية، وإعادة اقتصاده المترنح إلى المربع الأول، رغم حصارها بالتصريحات النارية، والقرارات الشكلية.
ولعل التساؤل الملح والمتكرر هو كيف تصل هذه الأسلحة إلى الحوثي، ومن يقف خلفها تحديدًا، هل هناك دول أخرى عربية، وغربية، تسهل وصول هذه الأسلحة إلى الحوثي؟، وأين الحبل السري الذي تتغذى منه هذه المليشيا، هل هو ميناء الحديدة، أم هناك مصادر أخرى؟ وكيف السبيل لتجفيفها؟
لماذا الصمت العالمي عن استهداف الأعيان المدنية، والاقتصادية، لماذا لم يصيب القلق الأمم المتحدة وأمينها العام، لماذا أصاب الصمم والخرس وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية رقيقة القلب، والتي لا تعرف للنوم طعمًا لو حدث العكس، وأخطأ التحالف رغم الاحترازات، وأصاب هدفًا مدنيًّا؟ لماذا يعجز مجلس الأمن الذي يخيف الدول، من إخافة هذه العصابة المارقة عن القانون ومن يقف خلفها، لماذا يفشل هذا المجلس في تطبيق قراراته، ولماذا يصدرها إن كان عاجزًا عن تنفيذها؟!

قلت لصاحبي:
انا لا أهتم بالسياسة قدر اهتمامي بالعدالة.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button